بارك الله فيك، أنا لا أسأل عن التأمين التجاري، فالأمر فيه واضح، ولكن أسأل عن التأمين التكافلي، فهناك على سبيل المثال شركة تسمى بيت التمويل المصري السعودي، تسلك المسلك الشرعي في التأمين، ولها هيئة رقابة شرعية مثل البنوك الإسلامية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد ناقش المؤتمر الخامس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا هذه القضية في جملة ما ناقش من قضايا ونوازل، وألخص لك من قراراته يومئذ ما يتعلق بموضوع التأمين عامة فكرة وآليات:
• التأمين من النوازل التي تحدَّث فيها أهل الفتوى من المعاصرين، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى دُور الإفتاء والمجامع الفقهية، وهو أنواعٌ شتَّى: منها ما يحل ومنها ما يحرم، ومنها ما هو في محل الاجتهاد.
• الأصل في التأمين أنه نظام يقوم على الإرفاق والتكافل والمواساة، وهو بهذا المعنى وفي هذا الإطار من القيم الإسلامية الأصيلة إذا تقيد في نظامه وعقوده واستثمار أمواله بأحكام الشريعة، ولا يبعد القول أن القيام به في هذا الإطار وفي ظل ما طرأ من مُستجِدات قد صار من جملة فروض الكفايات.
• تتنوع نظم وعقود التأمين في واقعنا المعاصر إلى عقود تأمين تجارية وأخرى اجتماعية أو تكافلية، ولكل حكمه.
• الأصل في عقود التأمين التجاري الذي تنظمه قوانين التأمين التجاري وتمارسه شركاته بحيث تكون الشركة طرفًا أصيلًا فيه، يلتزم بدفع مبلغ التأمين في حالة وقوع الخطر المؤمن منه، في مقابل قيام المستأمن بدفع أقساط محددة طوال فترة التأمين، أنها من العقود الفاسدة؛ بسبب ما شابها من الغرر والجهالة وغير ذلك من أسباب الفساد، وأنه لا يباح منها إلا ما تُلزم به القوانين أو تلجئ إليه الحاجات العامة التي تنزل منزلة الضرورات.
• أما التأمين الاجتماعي الذي لا يقصد به الربح، بل الرعاية الاجتماعية أو الصحية للمستفيدين منه، وتتولاه عادة الدول والشركات والمؤسسات العامة، وذلك باستقطاع حصة من راتب الموظف مع حصة من المؤمن أو بدونها، طوال مدة عمله، فهو مشروع؛ ولهذا يجوز الانتفاع به والعمل في المؤسسات التي تقوم عليه تأسيسًا أو تسويقًا؛ لقيامه في الجملة على فكرة مشروعة، مع تجنُّب ما يغشى تطبيقه من أعمال غير مشروعة كالاستثمارات الربوية ونحوها.
• أما التأمين الإسلامي ويشبهه في بعض خصائصه التأمين التكافلي أو التعاوني، ويقوم على التبرع والتعاون وبذل المنافع، ويكون دور الشركة فيه هو دور الوكيل في إدارة عمليات التأمين والمضارب في استثمار أمواله، فهو من العقود المشروعة، فيجوز الانتفاع به والعمل في مؤسساته، إذا التزمت بقية الضوابط الشرعية في استثمار أموال التأمين. والله تعالى أعلى وأعلم.