قدم لي صديقٌ هديةً غالية، ورفضتُ أَخْذها أوَّلَ الأمر وأقسمت عليه ألا آخذَها، وكرَّرتُ قَسَمي عدةَ مراتٍ، ليس على سبيل اللَّغو وإنما كنت فعلًا أنوي عدم أَخْذها، وكان سيُهادي بها امرأةً أجنبيَّةً عنه مُتزوِّجة ويُحِبُّها، فقلت له: لا يجوز. وبمزاحٍ قلت له: اهدِها لي. وأصرَّ صديقي على إعطائها لي، فأقسمت عليه ألا آخذها وأقسم وتَرَكها لي وانصرف، وكلَّمتُه كثيرًا لإعادتها خشيةَ أن يكونَ قدَّمها لي حياءً، فرفض وأصرَّ، هل يجوز لي أَخْذها؟ وإذا أخذتها فما كَفَّارة أَيْماني؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فالأصل أن تحفظ يمينك؛ لقوله تعالى: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: 89]ولكن إذا ترجَّحتِ المصلحةُ في أَخْذها فكَفِّر عن يمينك وخُذْها، فـ «إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى الْيَمِينِ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»(1)، وتلزمك كَفَّارةٌ واحدة؛ لأن تكرار اليمين كان للتأكيد والمحلوف عليه أمرٌ واحد، وكَفَّارة اليمين هي كما قال تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: 89] زادَك اللهُ حِرْصًا وتوفيقًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري (6623)، ومسلم (1649).