يا دكتور أنا أعيش حالة من الرعب الدائم منذ سمعت عن شيء اسمه إنكار معلوم من الدين بالضرورة، رغم أنني أؤمن بكل ما قاله الله في القرآن، وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن هناك أشياء، مثلًا أن المسيحيين كفارٌ نعم أنا أؤمن بهذا ولكن هل جميعهم سوف يدخلون النار، هنا لا أعلم وأقول أن الله أعلم بالجنة والنار، ولكن الكافر المعاند منهم الذي وصلته دعوة الرسول كما يجب وظل متمسكٌ بالمسيحية هو الذي سيعذب أما من سمع عن الإسلام دون أن يعلم ما هو الذي سيمتحن يوم القيامة،كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام.هل أنا هنا مخطئة؟ هل هذا إنكار معلوم من الدين بالضرورة أم أن كل اليهود والنصارى في النار من بعد عصر الرسول دون تفريق بين من قامت عليه الحجَّة ومن لم تقم عليه؟
السؤال الثاني: أنني أنا وزوجي لم نكن نعلم بأن جد الطلاق وهزله سواء، وفي مرة قلت له- وكنت أتكلم بعصبية وأحكي موقفًا حدث، وليس من عادتي أن أكذب ولكنني هذه المرة كذبت-: «اتخضيت أكثر من مرة». وأنا كاذبة، وزوجي يظن أنني صادقة في كلامي، فقلَّد الممثل محمد سعد في الفيلم وقال حتى يجعلني أضحك: «عليَّ الطلاق أنت اتخضيت». وزوجي من عادته أنه يكرر جُملًا مشهورة من الأفلام كثيرًا، وعندما علمنا سألنا أهل العلم فقالوا: هذا يمين وليس طلاقًا صريحًا، وأن الهزل يقع في الطلاق الصريح بدون نية، ومن رحمة الله أنه كان بلفظة: «علي الطلاق» حيث يعتبرونها كنايةً تحتاج إلى النية، وزوجي يقول: أنا لم أقصد طلاقًا ولم أقصد يمينًا أنا كنت أقلد الشخص فقط.
ومن بعد هذا الموقف حياتي في جحيم لأن زوجي كان يقول نفس هذه الجملة تقليدًا للممثل لكن في مواقف كلها يظن فيها أن الذي أمامه (اتخضَّ) وليس متعمدًا الكذب.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد أتيتِ من قبل الفهم الخطأ لبعض حقائق الدين، بالإضافة إلى ما تُعانينه من الوساوس القهري الذي إن تمكَّن قد يُحيل حياتَك إلى شقاء. أسأل الله لي ولك العافية.
أما مسألتك الأولى فنحن نقول بمثل ما تقولين، من لم تبلغه الدعوة من غير المسلمين في واقعنا المعاصر، أو بلغته بلاغًا مشوهًا، فهو ممن يمتحنون في عرصات يوم القيامة، هذا الذي نراه أقربَ إلى دلالة النصوص، وأقرب إلى عدل الله عز وجل، وأليقَ بجلاله، وليس في هذا القول- صوابًا كان أو خطأ- إنكارٌ لمعلوم من الدين بالضرورة، بل هو الذي نراه صوابًا في هذه المسألة، ولا ينبغي أن نحول التدين إلى شقاءٍ، بحيث يشعر المرء أنه كان قبل تدينه أكثرَ سكينة وأهدأ بالًا وأنعم عيشًا.
أما مسألتك الثانية فقصارى الأمر فيها أن على زوجك كفارةُ يمين، إن كان لم يقصد الطلاق، وإنما قصد إلى الحلف. فإن لم يقصد لا طلاقًا ولا حلفًا كما قال كان لغوًا من القول- لا يلزمه في ذلك شيء، ولكن عليه أن يتوب إلى الله عز وجل من الاستهزاء بالحُرُمات، واتخاذ ألفاظ الطلاق عبثًا، على النحو الذي يفعله الفسقةُ من الممثلين وأضرابهم، والله جل وعلا أهلُ التقوى وأهل المغفرة(1)، ويتوب الله على من تاب.
وليست مسألتك الأولى ولا الثانية من المعلوم من الدين بالضرورة بل هي من دقائق المسائل، والجهل بها أو الخطأ فيها لا يقدح في أصل الدين. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) قال تعالى: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)} [المدثر: 56].