هل حينما أحلف لزوجتي- بناءً على رغبتها أن أحلف لها- على أنني لن أفعل فِعلًا مُعيَّنًا معها طوال حياتها معي، فهل إذا فعلتُه تكون طالقًا مني إذا فعلتُ ما اشترطتُ على نفسي؟ أي أن يكونَ طلاقًا مُعلَّقًا يتحقَّق بوقوع الشرط وينفكُّ بانفكاك هذا الشرط، أم أنه يُفيد الاستمرار، فقد قرأتُ أن كلمة «كُلَّما» فقط هي التي تُفيد الاستمرار، أفيدوني، ولكم جزيل الشكر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن اليمينَ تنحلُّ عُقْدتها بالحِنْث مرةً واحدة، ولا تقتضي تَكْرارَ الكفارة مع تكرار الحنث إلا إذا كانت صيغةُ اليمين تقتضي ذلك، كما لو قال لها: كلما فعلتُ بك كذا وكذا فأنتِ طالق، قال ابن قُدَامة في «المغني»: «وجملته أن مَن قال لزوجته: إن خرجتِ إلا بإذني، أو بغير إذني. فأنتِ طالق. أو قال: إن خرجتِ إلا أن آذنَ لك، أو حتى آذن لك، أو إلى أن آذن لك. فالحكم في هذه الألفاظ الخمسة أنها متى خرجَتْ بغير إذنه طَلُقَتْ وانحلَّتْ يمينه؛ لأن حَرْف (إلا) يقتضي تكرارًا، فإذا حنث مرةً انحلَّتْ، كما لو قال: أنتِ طالق إن شئتُ». انتهى(1).
ويمينك المذكورة لا يظهر فيها ما يدلُّ على التكرار، وعلى هذا فلا يلزم فيها تكرار الكفارة بتكرار الحنث، بل تنحل عقدتها بالحنث أول مرة.
هذا، ولا ينبغي للزوجة أن تَحمِلَ زوجَها على مثل هذه الأيمان التي تُدخلهما في مثل هذه المضايق، ولا ينبغي للزوج أن يستجيب لذلك وإن طُلب منه، فإنَّ مَن كان حالفًا فَلْيحلف بالله أو ليصمت(2). وفَّق اللهُ الجميعَ لما يُحِبُّ ويرضى، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) «المغني» (10/46).
(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الشهادات» باب «كيف يستحلف» حديث (2679)، ومسلم في كتاب «الأيمان» باب «النهي عن الحلف بغير الله» حديث (1646)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِالله أَوْ لِيَصْمُتْ».