أعمل في شركة تنتج مشروبات كحولية (بيرة وخمور)، وأخرى غير كحولية (بيريل وفيروز ومنتجات شعير خالٍ من الكحول).
ويوجد لكل منتج مصنعٌ ومراكز توزيع خاصة به، وأنا أعمل بأحد مراكز توزيع المنتجات غير الكحولية. مع العلم بأن كل مركزِ توزيعٍ له خزينة، ويتم تحصيل الأموال من القسمين سواء الكحولي أو غير الكحولي عن طريق سيارة بنك واحدة، كما أنه يوجد إدارة واحدة منفصلة وبعيدة عن مراكز التوزيع تضمُّ كلَّ المسئولين عن المنتجات الكحولية والأخرى غير الكحولية، حيث إن كلَّ قطاع له مسئولِيه وموظفيه.
وأريد الاستفسار عن الآتي:
أولًا: حكم عملي في هذا القسم غير الكحولي؟
ثانيًا: ما هو الضابط للعمل في الشركات المختلطة في مثل حالتي، أو بمعنى آخر: إذا عمل شخص آخر في شركة مختلطة من حيث المنتجات كما هو في حالتي أو مكان به معاملات ظاهرها الحلال وأخرى ظاهرها الحرام، فما هو الضابط ليكون عمله حلالًا دون أن يتأثر بما في الحرام من القسم الآخر؟
ثالثًا: أرجو من حضراتكم توضيح الأمر بالتفصيل؛ لأنني كثيرًا ما أدخل في مناوشات مع أناس بالشركة يعملون بالقسم الكحولي ويقولون لي: إن حكم عملهم بالقسم الكحولي يماثل حكم عملي بالقسم غير الكحولي؛ لأن أموال الشركة في الآخر واحدة. فما صحة ذلك؟
وشكرًا جزيلًا على سَعَة صدركم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأجرة في مقابل العمل، فإن كانت على عمل مباح كانت مباحة، وإن كانت على عمل محرم كانت محرمة، وإن اختلط في العمل الحلال والحرام كان في الأجرة من الحرام بقدر ذلك الحرام.
وما دام عملك في هذه الشركة في قسم المبيعات الحلال فلا يضرُّك بعد هذا وجود أقسام أخرى في الشركة أعمالها محرمة، فقد تعامل النبيُّ صلى الله عليه وسلم مع اليهود في المدينة بيعًا وشراء ورهنًا، وقد علم أن أموالهم مختلطة، وأنهم يستحلون الربا والرشا وأكل أموال الناس بالباطل(1)، ولكن ما عليه من حسابهم من شيء ما دام قد تحرى في طريقة وصول أموالهم إليه، فلم تكن إلا عبر عقود مشروعة، و﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: 38]. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) ومن شواهد ذلك ما أخرجه البخاري في كتاب «البيوع» باب «شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة» حديث (2069) من حديث أنس رضي الله عنه: أنه مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخُبز شعير وإهالة سَنِخَة؛ ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعًا له بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعيرًا لأهله.