نصيحة لزوجة ستسافر مع زوجها إلى أهله

نصيحة لزوجة ستسافر مع زوجها إلى أهله

السؤال:

سيدي الشيخ أرغب من فضيلتكم نصيحة لزوجة ستسافر مع زوجها إلى أهله، فأنا سأسافر بعد أيام مع زوجي

إلى والده وأسرته التي تعيش في دولة عربية، وتلك هي المرة الأولى التي أسافر فيها مع زوجي لزيارة أسرته بعد الزواج،

وأحس بشيء من القلق، وجزاكم الله كل خير وبارك الله فيكم

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فإن السفرَ يا بنيتي يسفر عن أخلاق الناس ومعادنهم، ومهما كانت فيه من التسهيلات فلا يزال قطعةً من العذاب،

فأول ما توصي به هو الصبر والحلم، وأن يرى الله زوجك منك في أول تجربة له للسفر معك ما تقرُّ به عينه،

كما أراه الله منك في حضرك ما قرت به عينه والحمد لله.

أحسني التبعّل له في سفره، لا تكثري جدالَه، لا تكلِّفِيه من الهدايا ما لا يطيق، لا تتوسعي فيما تريدين إحضارَه من سفرك

إكرامًا لأهلك، بل دعي هذا بالكلية له، فإن طابت نفسه بشيء من ذلك فبها ونعمت، وإلا فلا تمدين عنيك لشيء من ذلك،

وإكرام أهلك له سبل أخرى فلم يتعين في هذا السبيل!

أكرمي أهله، لاسيما والديه، وأظهري لهما الوُدَّ والتقدير، فإن هذا مما تقرُّ به عين الزوج وتطيب به نفسه،

وهو من قبل ذلك من مرضاة الرب جل وعلا، وصلوات الله على القائل: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَـمْ يوَقِّرْ كَبِيرَنَا»(1).

ومن إكرامهما يا بنيتي أن تبادري إلى المشاركة في عمل المنزل، لا تنزلي نفسك منزلة الضيفة التي تجلس في مقعدها

ونتظر من يخدمها من أصحاب المنزل، بل بادري إلى المشاركة، وإن استطعت أن تقومي بجُلِّ أعمال المنزل إكرامًا لوالديه

فافعلي ذلك، وسوف يحفظون لك هذا الموقف ويذكرونه بك في حِلِّك وترحالك، وقبل هذا هو عبودية جميلة لله عز وجل،

فهو من جملة البر بالزوج عندما تُكرمين أهله، وهو كذلك من إجلال الله تعالى، وصلوات الله على القائل:

«إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ الله إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْـجَافِي عَنْهُ»(2).

أظهري لأهل زوجك تقديرَك له وغبطتك به وسعادتك بالحياة معه، وإياك أن تظهري التسخُّط والتضجُّر، فقد كان ذلك سببًا

كافيًا لأن يأمر خليل الرحمن ولدَه أن يطلق زوجته، وأن يغيِّر عتبة بابه(3).

خاطبي أهله بما يليق بهم من التوقير والتبجيل، وهذا يختلف باختلاف الثقافات، فمن الناس من تعجبهم الألقاب الأكاديمية

أو المهنية، ويحبون أن ينادَوا بها، وأن ينادَى بها أهلوهم، فإن كانوا من هذا القبيل فلا تَبخلي عليهم بذلك.

احفظي لهم الألقاب المهنية والعلمية والاجتماعية، وهذا لا يُكلفك شيئًا، ولكنك ترتفعين به مكانةً ومنزلةً عندهم.

إذا صحوت من نومك فبادري إلى ترتيب غرفتك في لحظة قيامك من نومك، فلا تقع عين أحد منهم عليها إلا وهي في غاية

الترتيب والنظافة، فإن هذا مما تحمد به المرأة وترتفع به منزلتها في عيون من يخالطونها.

إذا جلستم على مائدة الطعام وفرغتم منه، فبادري إلى المشاركة في رفع الأطباق وتنظيف المائدة، ولا تنتظري أن تتولى

ذلك أمّه أو أختُه، فإن هذا مما تُمقت به زوجة الابن وإن كانت ضيفةً، بل يجب أن تكون لك مباشِرةً ومشاركةً بحُبٍّ

وعفوية ونبلٍ.

إذا جمعكم مجلسٌ للحديث فاحفظي للمجلس حقَّه، أحسني الاستماعَ والإنصات،

فإن المتحدثَ الجيِّدَ مستمعٌ جيد، لا تقاطعي أحدًا أثناء حديثه، بل انتظري حتى يفرُغ تمامًا من حديثه،

ثم تدبَّري في قوله، ثم تدبري فيما تقولينه قبل أن تنطقي به، فإن الكلمةَ إذا خرجت تكون موضعًا للمُساءلة، ولا يمكن إرجاعها.

وإياك والتعالم، أو النبرة الهجومية في الحديث، فإن هذا مما تتنافر به القلوبُ يا بنيتي.

أرجو يا بنيتي أن ترجِعي من سفرك هذا وقد بنيت في قلب زوجك أرصدةً من الوُدِّ لا تبلى على مر الأيام والليالي بإذن الله.

والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/323) حديث (22807)، والحاكم في «مستدركه» (1/211) حديث (421)،

من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه. وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (8/14) وقال: «رواه أحمد وإسناده حسن»،

وكذا ذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/434) وقال: «أخرجه أحمد والحاكم وإسناده حسن».

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في تنزيل الناس منازلهم» حديث (4843) من حديث أبي موسى الأشعري

رضي الله عنه، وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (2/ 118) وقال: «إسناده حسن»، والعراقي في «تخريج أحاديث الإحياء»

(1/ 491) وقال: «إسناد حسن».

(3) أخرجه البخاري في كتاب «أحاديث الأنبياء» باب «قول الله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلًا» حديث (3364)

من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

 

يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى النكاح الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي 

كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي

تاريخ النشر : 10 يناير, 2023
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend