أنا مُتزوِّجة، وأعيش مع أهل زوجي في شَقَّة منفصلة داخل البيت، وزوجي يسبُّ الدِّين بشكلٍ مستمر وذلك مع أمه وإخوته وكذلك معي، مع العلم بأنه حاصل على مؤهلٍ عالٍ ويُصلِّي، ولكن ما أن يتعصَّب لأجل أيِّ شيءٍ إلا ويسبُّ الدِّين بصورةٍ مستمرة، وقد أبلغني بعض الناصحين لي أن العيشَ مع زوجي حرام شرعًا لسبِّه الدِّينَ، فهو يخرج عن الملة، مع العلم بأنه يعلم حُكمَ سبِّ الدِّين ولكنه لا يعمل أية اعتباراتٍ لأي حدٍّ ويسبُّ لأي أحد وحيثما شاء.
فبمَ تنصحونني أفادكم الله، فوالد زوجي متوفٍّ ولا يوجد رجل أكبر منه بالمنزل للردِّ عليه، فهو لا يُراعي أية اعتبارات لأي شخص؟ أفيدوني جزاكم اللهُ خيرًا ماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن سبَّ الدِّين الـمُنزَّل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم كفرٌ أكبر لا يجتمع مع أصل الإيمان؛ فإن تاب منه عاد إلى الإيمان، وفي آخر الزَّمان تكون فِتَنٌ كقطع اللَّيل المظلم يُصبح الرَّجُل فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا ويُمسي مؤمنًا ويُصبح كافرًا، يبيع دينه بعَرَضٍ من الدُّنْيا(1).
ولكن بعض هؤلاء الفسقة الذين يَسُبُّون الدِّين لا يقصدون هذا المعنى، وإِنَّمَا يقصدون سبَّ الشَّخْص والطعن في تديُّنه، فيكون ذلك من جنس سُباب المسلم، وهو فسوقٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «سُبَابُ الْـمُسْلِمِ فُسُوقٌ»(2).
وأيًّا كان هذا الأمرُ فإن هذا الرَّجُلَ جدير بالتَّغْليظ والزَّجْر، وخليق بتهديده أنه إن لم يقلع عن هذا المسلك فإن زوجته ستسعى لمفارقته وحلِّ عقدة نكاحها منه، وأرى أن يُؤتى به بحضرة أحدٍ من أهل الفتوى لوعظه واستتابته واستبانة حاله، ثم يُنصح للزَّوجة بما يظهر له من حاله.
ونسأل اللهَ أن يَرُدَّه إليه ردًّا جميلًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
____________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن» حديث (118) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْـمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا».
(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «ما ينهى من السباب واللعن» حديث (6044)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» حديث (64)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .