نحن نعلم أن من قال: عليَّ الحرام. أن أغلب أهل العلم فتواهُم على نيَّة القائل، إن كانت نيتُه يمينًا فهو يمين، وإن كانت نيته ظهارًا فهو ظهار، وإن كانت نيتُه طلاقًا فهو طلاقٌ. والسؤال: من حرَّم شيئًا غير الزوجة فهل يكفر يمينًا؟
لقد قرأت فتاوى للشيخ العبيكان والشنقيطي حفظهم الله أنه يُكفِّر عن يمينِه.
وأيضًا قال الشوكاني: «وأما إذا حرَّم الرجل على نفسه شيئًا غير زوجته كالطعام والشراب فظاهرُ الأدلة أنه لا يحرم عليه شيء من ذلك؛ لأن الله لم يجعل إليه تحريمًا ولا تحليلًا، فيكون التحريم الواقع منه لغوًا، وقد ذهب إلى مثل هذا الشافعيُّ وروي عن أحمد أنَّ عليه كفارة يمين»(1). اهـ. والموضوع هو: زوجتي موظفة وأسأل الله أن يبارك لي في زوجتي وأولادي، كانت بيننا مشاكل بسبب ظن أهلها أني أريد شيئًا من راتبها.
فأتيت بأهل صلح وقلت لهم: يحرم عليَّ راتبها، لا أريده. ولم أقُل: تحرم علي زوجتي. أي حرمت راتبها مالها، والنية هي عدم أخذ شيء من راتبها.
فهل أُكفِّر يمينًا بناءً على الكلام السابق؟ مع العلم أني لم أحرم زوجتي حتى أرجع لنيتي هل هي يمين أم ظهار أم طلاق، وإنما كان الموضوع يدُور لغير زوجتي وهو مالها.
_________________
(1) «نيل الأوطار» (7/60).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن تحريم الحلال يمينٌ، إلا الزوجة فإن فيه الخلاف الذي ذكرت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرم على نفسه العسلَ عاتبه الله جل وعلا بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾ [التحريم: 1]. ثم قال له في الآية التي تليها: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ﴾ [التحريم: 2](1).
فكفِّر عن يمينك، ونسأل الله لنا ولك العافية. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}» حديث (5267)، ومسلم في كتاب «الطلاق» باب «وجوب الكفارة على من حرم امرأته، ولم ينو الطلاق» حديث (1474) من حديث عائشة رضي الله عنها.