لقد تزوجت منذ ٨ شهور تقريبًا وأعيش حياة ليست سعيدة بالمرة، ولا أشعر بالارتياح نهائيًّا مع زوجتي، وهذا له أسباب كثيرة حدثت قبل الزواج واكتشفتها بعد الزواج، وبعض هذه الأشياء استمَرَّ بعد الزواج أيضًا، ومنها الكذب؛ لقد كانت تكذب في أمور كثيرة وتحكي قصصًا غريبة لإقناعي بكذبها، وعند اكتشافي للكذب كانت تستمر في إقناعي إلى أن أخرج عن شعوري فتعترف بخطَئِها وتعتذر بعد ذلك, واستمر هذا كثيرًا بعد الزواج ويتم تكراره من وقت لآخر.
أيضًا لقد تمَّ خداعي أنا وأهلي من ناحيتها وناحية أهلها واعتادوا الكذبَ علينا في أمور كثيرة تم اكتشافها بعد الزواج أيضًا، ومن هذه الأمور- والتي هي سبب أساسي جعلني أريد الانفصال- هي دخول زوجتي عمليات جراحية للتخسيس، وقد تم تشويهُ بعض الأماكن الحساسة في الجسم، والتي اكتشفتها بعد الزواج، مع العلم أنني أعلم بهذا قبل الزواج ولكن لم يصارحني أحد بالوضع الحقيقي، وتم خداعي بأنها علامات ليست بظاهرة بنسبة كبيرة وتذهب مع مرور الوقت.
وأيضًا حاولت والدتي في يوم الحنة أن تراها ولكن تمَّ الهروب من ذلك، ووالدتي لحُسن النية لم تضغط عليهم منعًا للإحراج.
حالتي النفسية ليست بجيدة وأريد الانفصال، أشعر كلما أتذكر أشياء كثيرة بالندم على زواجي هذا.
أريد أن أعرف في هذه الحالة ما هي حقوقُ الزوجة عند الانفصال؟ وهل تستحق أن تأخذ حقوقها كاملة، مع كم الغش الذي اكتشفتُه والكذب قبل الزواج منها ومن أهلها؟
الرجاء الرد في أقرب وقت ممكن، لا يوجد بيننا أطفال والحمد لله. شكرًا لسعة الصدر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فيجمل بك يا بني وقد قدر الله بينكما الزواج أن تُعالج موقفَك بحكمة، وأن تتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْرَكُ(1) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»(2).
والكذب الذي ترتب عليه خداعك فيما يتعلق بتشوهات جسدية لم تطق نفسك الصبر عليها يعطيك الحق في طلبِ فسخ العقد إن كنت لم تعلم بالعيب قبل العقد، ولكنك تذكر أنك قد علمت به إجمالًا، وأنت الذي قصرت في استقصائه والوقوف على تفاصيله.
وفي جميع الأحوال هذا لا يُسقط حقَّها في مهرها، أو في مهر مثلها بما استحلَلْتُه من فرجها، ويبقى النظر في رجوعك بما غرمته على وليها إن كان قد غرَّك وغشك، وهذا إنما يكون لو كنت قد بادرت إلى طلب الفسخ عند اكتشافك لهذا العيب، أما وقد ظللت صابرًا ساكتًا طوال هذه الفترة، فإنه يسقط حقك في الفسخ، وليس أمامك إن أردت الانفصال إلا الطلاق العادي، وأن تُوفِّي إليها حقوقها، فـ«إنَّ أحَقَّ مَا وَفَّيْتُمْ بهِ مِنَ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ به الفُرُوجَ»(2). وقد قال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)} [النساء: 20، 21].
أسأل الله أن يلهمك رشدك وأن يجبر كسرك، وأن يعوضك خيرًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________________
(1) أي: يبغض.
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الرضاع» باب «الوصية بالنساء» حديث (1469) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الشروط» باب «الشروط في المهر عند عقدة النكاح» حديث (2721)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «الوفاء بالشروط في النكاح» حديث (1418) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.