يا فضيلة الشيخ، حفظكم الله وجعلكم من الصالحين، من فضلكم لدي سؤال: هل الغضب حرام؟ لأنني أغضب ثم أندم وأستغفر الله، وخاصة عندما أتشاجر مع زوجي بالكلام، ثم نتسامح وهذا كله لأنني لا أطيق خيانته مع عشيقته وكلما أكتشف أنه ذهب إليها أحس أن أعصابي تكاد تغلي كالماء، وغيرتي شديدة جدًّا، وهو يقول لي: لا أستطيع أن أبتعد عنها وأنتِ لا أحبكِ، إنكِ فقط أم ابني، ويقول لي أيضًا: اتركيني أعيش حياتي معها. وهو يا فضيلة الشيخ ينتظرني فقط حتى أكمل وثائقي الإدارية ثم يطلقني، ولكن طلبت منه- احترامًا لكرامتي- أن يتركها وبعد أن يطلقني يعود إليها، لأنني أغير كثيرًا على حرمات الله، فلم يقبل.
من فضلكم يا فضيلة الشيخ: ماذا يرى الشرع في هذا الشجار الدائم وخاصة أن كل هذا يحدث أمام ابننا الذي عمره عامان وشهور؟ هل علي إثم؟ وكيف أطهر نفسي؟ أيضًا يا فضيلة الشيخ لما ذهبت إليها- يعني العشيقة- قالت لي: إنها تحبه وتفديه بحياتها!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الغضب لا يجمل إلا عندما تُنتهك حرمات الله، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه قط إلا أن تُنتهك حرمات الله(1)، وفي قضيتكِ اختلط الجانبان الشخصي والديني، وإنني لأقدر غاية التقدير ما يعتريك من غضب، وما يستبدُّ بِكِ من ألمٍ وكمدٍ، إذا كان زوجك هذا مصرًّا على معصية الله ومجاهرًا بها إلى هذا الحد فإنه لا يصلح لك ولا تصلحين له، وليس أمامك إلا أن تمضي معه بأقل مفسدة ممكنة إلى حين، مع الاستمرار في نصحه وتذكيره، حتى يرزقَك الله خلاصًا من وثاقه وفكاكًا من إساره، استعيني على محنتك بالصبر والصلاة، واجأري إلى الله في جوف الليالي وهو أكرم مَن سُئِلَ وأرأَفُ مَن ملك، وأسأل الله لك الصبر والثبات. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «المناقب» باب «صفة النبي صلى الله عليه وسلم » حديث (3560)، ومسلم في كتاب «الفضائل» باب «مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره من المباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته» حديث (2327) من حديث عائشة .