شهادة الإخوة من على عقد النكاح

لو سمحت يا دكتور صلاح هل يجوز أن يكون أخو الزوجة شاهدًا على عقد الزواج؟ فأنا لي أخوان أحدهما كان وليًّا لأن والدي متوف والآخر كان شاهدًا على العقد، والشاهد الثاني هو أخو زوجي. فهل يصح العقد والشاهدان هما أخو زوجي وأخي؟
ولي سؤال آخر: هل يصح الإشهار بعد عام من العقد أم يجب أن يكون الإشهار بعد العقد مباشرة أو وقت العقد؟ وشكرًا جزيلًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذه المسألة من مواضع النظر بين أهل العلم: فلا حرج في ذلك عند الحنفية، فالشهادة جائزة والعقد صحيح.
قال الكاساني في «بدائع الصنائع»: «ولو زوج الأب ابنته من رجل بشهادة ابنيه، وهما أخوا المرأة، فلا يُشك أنه يجوز النكاح»(1). اهـ.
وقال في «الفتاوى الهندية»: «والأصل في هذا الباب أن كل من يصُلح أن يكون وليًّا في النكاح بولاية نفسه صلح أن يكون شاهدًا». اهـ.
وخالف المالكية فلم يجيزوا شهادة كل من يصلح أن يكون وليًّا للمرأة في عقد النكاح، لأنها تكون شهادة على فعل النفس.
قال العدوي في «حاشيته على شرح الخرشي»: «ليس المراد بالولي من يباشر العقد، بل من له ولاية النكاح، ولو تولَّى العقدَ غيرُه بإذنه، وكذا لا تصح شهادة هذا المتولي، لأنها شهادة على فعل النفس»(2). اهـ.
وقال في «الفواكه الدواني»: «والمراد مُطلق ولي لا خصوص المباشر لعقد نكاحها»(3). اهـ.
ولا يرى الشافعية حَرَجًا في شهادة الإخوة على عقد أُختهم شريطةَ عدم توكيل غيرهم من الأولياء في العقد، فإن وكلا غيرهما من الأولياء في العقد لم تصحَّ شهادتهما.
قال الجمل في «حاشيته على شرح منهج الطلاب»: «ولو شهد وليان كأخوين من ثلاثة إخوة والعاقد غيرهما من بقية الأولياء لا بوكالة جازَ، بخلاف ما إذا عقد غيرهما بوكالة ممن ذُكر»(4).اهـ.
أما الحنابلة فلا حرج عندهم في شهادة الأقارب عمومًا من غير عمودي نسب الزوجين والولي.
قال في «مطالب أولي النُّهى» عند الحديث عمن لا تصحُّ شهادتهم: «من غير عمودي نسب الزوجين والولي، فلا تصح شهادة أبي الزوجة أو جدها فيه، ولا ابنها وابنه فيه، وكذا أبو الزوج وجده ابنه وابن ابنه، وإن نزل- للتهُّمة، وكذا أبو الولي وابنه»(5). اهـ.
وجاء في ” المغني ” لابن قدامة (10 / 175): ” قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَع أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ لِأَخِيهِ جَائِزَةٌ. رُوِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ ” انتهى
وجاء في ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (12 / 100): ” ” هذا النكاح هل هو للإنسان أو على الإنسان؟ الجواب: له ، وعليه ؛ فإذا قبلتم شهادة العدو ، مع أنها لم تتمحض له ولا عليه، فاقبلوا شهادة القريب ؛ لأنها لم تتمحض له ولا عليه، فالنكاح في الحقيقة ليس حقاً للزوج أو الزوجة، ولا حقاً عليه، بل هو له وعليه؛ لأنه يوجب حقوقاً للعاقد ، وحقوقاً عليه ” انتهى
ولعل أولى هذه المذاهب بالاعتبار مذهب الأحناف على أن لا يجمع الشاهد بين كونه وليًّا وكونه شاهدًا، فالعقد المذكور صحيحٌ، هذا بالنسبة لما مضى من العقود. أما ما يستقبل منها فيحسن استبعاد الإخوة من الشهادة على عقد النكاح خروجًا من خلاف المالكيَّة، فإن الخروج من الخلاف مندوبٌ إليه، لاسيما في مثل هذه العقود الحياتية التي تتعلق بالفروج.
والحدُّ الأدنى اللازم للإشهار ليصح العقدُ هو شهادة الشهود، وما ذاد على ذلك نافلةٌ نحرص عليها ولكنها ليست شرطًا في صحة العقد. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________
(1) «بدائع الصنائع» (2/255-256).
(2) «حاشية الصاوي» (2/335-338).
(3) «الفواكه الدواني» (2/3-5).
(4) «حاشية الجمل» (4/139-141).
(5) «مطالب أولي النهى» (5/81-82).

تاريخ النشر : 25 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة
التصنيفات الفقهية:  

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend