هناك امرأة أسلمت في إحدى دول أمريكا اللاتينية، ثم جاءت إلى مصر لتعلُّم اللغة العربية والإسلام، فسلَّمتني ولايتها في مصر، ثم اتفقنا على الزواج فأنكحتها نفسي في حضور شهود عدول قد سألوها إن كانت تقبل بي زوجًا، فأجابت بالقبول، وتم عقد النكاح وأعلنا زواجنا لمحيط معارفنا.
والسؤال هو: هل يجوز للولي أن يُزوِّج نفسه من مُولِّيته بإذنها؟ علمًا بأنها لا وليَّ لها مُطلقًا من عصبتها أو أرحامها، فهي المسلمة الوحيدة في أسرتها.
الرجاء سوق الدليل على الجواز أو عدم الجواز؟ وهل يُشترط لصحة عقد الزواج الكتابة أم يكفي الإشهاد؟ أرجو إرسال الرد باللغتين العربية والإنكليزية، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا نكاح إلا بولي، والسلطان وليُّ من لا ولي له، والمسلمات الجدد قد انقطعت الولاية بينهن وبين عصبتهن لاختلاف الدين، فيزوجهن القاضي المسلم، ولهن أن يجعل ولايتهن إلى من أسلمن على يده أو إلى من يخترن من جماعة المسلمين،، قد صدر بذلك قرار مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بكوبنهاجن بالدنمارك.
أما تولي طرفي العقد فهو موضع نظر بين أهل العلم، والأظهر جوازه، ومن الأدلة على ذلك ما أخرجه البخاري معلقًا أن عبد الرحمن بن عوف قال لأم حكيم بنت قارظ: أتجعلين أمرك إليَّ؟ قالت: نعم. قال: فقد تزوجتُك. ذكره البخاري معلقًا، ووصله ابن سعد من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد(1).
قال الخرشي المالكي في «شرح خليل»: «يجوز لابن العم والمعتق الأعلى والأسفل على ما فيه والحاكم ومن يُزوِّج بولاية الإسلام- أن يتولَّى طرفي عقد النكاح إن عين لها أن يزوجها من نفسه، ويشهد على رضاها احتياطًا من منازعتها، فإن لم يشهد على ذلك والمرأة مُقِرة فهو جائز، ولفظ ذلك أن يقول لها: قد تزوجتك على صداق كذا وكذا، وترضى به»(2).
وقال الكاساني الحنفي في «بدائع الصنائع»: «هل ينعقد بعاقد واحد أو لا ينعقد إلا بعاقدين؟ فقد اختلف في هذا الفصل، قال أصحابنا: ينعقد بعاقد واحد إذا كانت له ولاية من الجانبين، سواء كانت ولايته أصلية، كالولاية الثابتة بالملك والقرابة، أو دخيلة كالولاية الثابتة بالوكالة، بأن كان العاقد مالكًا من الجانبين، كالـمَولى إذا زوَّج أمته من عبده، أو كان وليًّا من الجانبين، كالجَدِّ إذا زوَّج ابن ابنِه الصغير من بنت ابنه الصغيرة، والأخ إذا زوَّج بنت أخيه الصغيرة من ابن أخيه الصغير، أو كان أصيلًا ووليًّا كابن العم إذا زوج بنت عمه من نفسه، أو كان وكيلًا من الجانبين، أو رسولًا من الجانبين، أو كان وليًّا من جانب ووكيلًا من جانب آخر، أو وكلت امرأة رجلًا ليتزوجها من نفسه»(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه البخاري معلقًا في كتاب «النكاح» عقب باب «إذا كان الولي هو الخاطب».
(2) «شرح مختصر خليل» للخرشي (3/190).
(3) «بدائع الصنائع» (2/231).