ما حكم زواج البنت البكر بدون موافقة أبيها، مع العلم أن الأب لا يرفض الشابَّ المتقدم للزواج؛ إذ إنه شاب على خلق وعلى دين- نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا- ولكن يرفض فكرة الزواج من الأساس في هذه الفترة لأسباب لا نجدها كافية، ويقول: ليس قبل عدة سنوات، مع أن ابنته ليست صغيرة بل كبيرة وتعمل، وأنت تعلم يا سيدي ما كثرة الفتن في هذا الزمان، وأنه بهذا قد يُسبب الضرر الشديد للشاب وللفتاة، وخصوصًا أنهم يريدون بعضهم في الحلال ولا يريدون أن يعصوا الله كما يحدث للأسف في هذه الأيام من مُقابلات أو حتى مكالمات هاتفية، ويريدون فقط الطريق الشرعي الصحيح؟ وأين هؤلاء الآباء من موقف سيدنا شعيب إذ جاءته ابنته تمشي على استحياء وتقول: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: 26]، فعلم الأب الحكيم والنبي الكريم حاجات ابنته وطلب من سيدنا موسى أن يُنكحه إحدى ابنتيه؟! وشكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فليس للوليِّ أن يعضُلَ ابنته أن تنكح الكفؤَ الذي تقدَّم لها، سواء أكان هذا العضل دائمًا أم اتخذ صورة التسويف والتأخير غير المسوغ، ومن ناحية أخرى فليس للبنت أن تتزوج دون موافقة ولِيِّها؛ فهو محظور شرعًا ومستنكرٌ عرفًا؛ لما يؤدي إليه من تمزيق الروابط وتقطيع الأرحام.
ولكن الشريعة قد جعلت للفتاة مخرجًا إذا عضلها وليها، وهو أن ترفع الأمرَ إلى القضاء الشرعي الذي ينظر في الواقعة ويُحرر ملابساتها بدقة، وله عند الاقتضاء أن يزوج الفتاة إذا أصَرَّ وليها على عضله بلا مسوغ شرعي، وقد جاء في ذلك: «فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ».
ويقوم مقام القضاء الشرعي خارج ديار الإسلام المراكزُ الإسلامية والقائمون عليها من العلماء والأئمة. والله تعالى أعلى وأعلم.
زواج البكر بدون موافقة أبيها
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 05 النكاح