خدمة المرأة في بيتها

هل المرأة ملزمة شرعًا بالتَّنظيف والطَّهي؟
شيخنا الحبيب، نودُّ من فضيلتكم بيان آراء فقهاء المذاهب الأربعة رحمة الله عليهم في مسألة حدود وواجبات الزَّوجة تجاه زوجها وبيتها، فالكثير من الأزواج يُحمِّلون زوجاتهم ما لا طاقة لهن به، ولا يعرفون معنًى لقول الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19]، ويعتقدون أن الزَّوجة ما هي إلا شغَّالة.
فالسُّؤال تحديدًا: بناءً على النُّصوص الشَّرعية وما فهمه فقهاء الإسلام؛ هل خدمة المرأة لبيت الزَّوجيَّة كالتَّنظيف والطَّهي، سواء أكان لزوجها أم لضيوفه، يُعتبر تطوُّعًا أم فريضة؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن جماهيرَ أهل العلم على أن خدمة المرأة لزوجها وقيامها على شئونها ليس من مقتضيات عقد الزَّواج، ولكنه أمرٌ تقتضيه المروءة وحسن العشرة، ولكن المتأمِّل في النُّصوص يرى أن المرأة تُناط بها الخدمة الداخليَّة لبيت الزَّوجيَّة وتُناط بالرجل الخدمة الخارجيَّة، وهذا هو الذي كان عليه عمل المسلمين عبر القرون.
وينبغي على كلٍّ من الزَّوجين أن يترافقا، وأن يتعاشرا بالمعروف، فقد يخدم الرجل في بيته الخدمة الداخليَّة، فقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم  في مهنة أهله(1)، يرقع ثوبه ويخصف نعله(2).
وقد تخدم المرأة الخدمة الخارجيَّة عند الاقتضاء لانشغال الزَّوج أو سفره أو مرضه، والعلاقة بينهما ليست قائمةً على الصِّراع والتجاذب والتنازع، بل التمازج والتراحم والتكامل؛ ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ [البقرة: 187].
ولنحذر من تسرُّب الثَّقافات الواردة عن العلاقات الزَّوجيَّة إلى عقولنا، أو اختراقها لحصوننا. ونسأل الله التَّوفيق للجميع، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه البخاري في كتاب «النفقات» باب «خدمة الرجل في أهله» حديث (5363) من حديث عائشة.

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/106) حديث (24793)، وابن حبان في «صحيحه» (12/490) حديث (5676) من حديث عائشة، وذكره الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/609) وقال: «رجاله رجال الصحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend