حول صحة عقد زواج مسلم بكتابية أمام بلدية دولة غير مسلمة
السؤال:
أرجو أن يتَّسع صدرُكم لما سأقوله. سؤالي حول صحة عقد زواج مسلم بكتابية، فأنا قدِمتُ إلى فرنسا وتعرفت
على فتاة كتابية، كنا نريد الزواج وتعرفت على أهلها، إلا أني لم أكن أمتلك وثائق للإقامة ولم تكن لنا سكنى،
مما عرقل المبادرة للزواج، حينها لم أكن ملتزمًا وكنت أجهل أحكام الزواج فعاشرتها معاشرة الأزواج وحملت مني،
وكنا على اتصال بأهلها وكانوا يحسبوننا في عداد الأزواج، وبعدها حصلنا على الوثائق المطلوبة للزواج وتقدمنا
إلى البلدية لطلب موعد للعقد، فقام مسئول بإشهار طلب الزواج في الجريدة الرسمية، والكل كان على علم بأننا
سنتزوج وتمَّ العقد بصيغة استفهامية، فسألوها: هل تقبلين الزواج بي؟ فقالت: نعم. وسألني: هل أقبل الزواج بها؟
فقلت: نعم. فقالت من باشرت العقد: أعلنتكما زوجين. كان هذا بموافقة وحضور أبيها دون تولية، وبحضور وسماع شاهد
مسلم وشهود كتابيين من أهلها.
بعد العقد بخمسة أشهر أنجبت ولدًا، ثم بعدها بخمس سنوات ولدت لنا بنتًا، وقد أسلمت زوجتي
وهي تحافظ على الصلاة وتصوم شهرها وتحجبت.
بعد اطلاعنا على بعض الفتاوى انتابتنا شكوكٌ حول صحة زواجنا، خاصة فيما يتعلق بالاستبراء والتوبة،
وكذلك حول هل استكمل عقدنا مقوماته الشرعية، فقمت بادئ الأمر بعد توبتنا باستبراء زوجتي بثلاث حيضات،
ثم باستدعاء ثلاث أصدقاء حول وليمة متواضعة، وكنت في حرج كيف سأعلمهم بأني سوف أجدد عقدي بعد أن علموا
بزواجنا وبالأولاد، فقام أحدهم بدور الولي وشهد الاثنين، وأعطيتها صداقًا على ذلك، لكن مع ذلك كانت هناك أخطاء
في إجراء صيغة العقد، أبوها حينئذ كان قد تُوفي، وبعدها بسنة تقدمت إلى القنصلية لتوثيق عقد الزواج المدني،
فطلبوا مني إحضار شاهدين تصحيحًا للعقد المدني لخلُوِّه من الشاهدين المسلمين، إلا أني كنت أنتظر أن يتمَّ العقدُ
من جديد بصيغة وما إلى ذلك، لكن العدلين اكتفيا بالإشهاد وتسجيل هوية الشاهدين، فلما سألت أحد العدلين عن سبب
ذلك قال لي أن زواجي المدني صحيحٌ ولا داعي لإعادة الصيغة، لكني مع ذلك حرصت أن يسمعان صيغة العقد،
وبعدها بأيام توصلت بعقد النكاح مذيل وموثق من قِبَل قاضي التوثيق.
سؤالي هو: ماذا عن صحة زواجي؟ وهل يحلُّ لي معاشرةُ هذه المرأة؟ وماذا عن الأولاد؟
أنا متزوج منذ عشرة سنوات، ومع هذا تنتابني كل هذه الشكوك.
أفيدوني بارك الله فيكم وجعلكم ذخرًا للإسلام والمسلمين ونفع بكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن زواجك أمام البلدية تكتنفه شبهاتٌ كثيرة، حيث لم يكتمل نصابُ الشهادة، ولم تجرِ الصيغةُ على النحو المعهود
في أنكحة المسلمين.
أما العقد الثاني الذي أبرمته لها في حضور ثلاثة: رجل ولته المرأة في إجراء عقد الزواج، واثنين من الشهود.
فهذا عقد صحيح إن شاء الله. ولا عبرة بحياة أبيها أو موته أو بحضوره أو غيابه؛ لان الإسلام قد فرق بينهما،
فهو لا يصلح وليًّا عليها على كل حال.
وأولادك الذين حملت بهم أمُّهم قبل الزواج يلحقون بك باستلحاقك لهم، ويثبت نسبهم شرعًا.
ونسأل الله أن يغفر لك ما مضى، وأن يوفقك إلى الصالح من القول والعمل فيما بقى. والله تعالى أعلى وأعلم.
يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى النكاح الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي
كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي