تكثر التساؤلات حول الزواج بغير المسلمة في هذه المجتمعات، فما الفتوى في ظل غياب الوليِّ في الكثير الغالب بصورة من صور الغياب أو أخرى؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن مجمع فقها ءالشريعة بأمريكا قد ناقش هذه القضية في جملة ما ناقشه من نوازل الأسرة المسلمة خارج ديار الإسلام في أولى دوراته التدريبية المنعقدة في أبريل 2004، بسكرمنتو وانتهى فيها إلى ما يلي:
ثانيًا: حول الزواج بالكتابية وما يتعلق به من النوازل:
– الكتابية هي التي تُعلن انتماءَها المجمل إلى اليهودية أو النصرانية، ولا عبرة بما أصاب هذه الديانات من التحريف، فقد كان هذا التحريف موجودًا منذ زمن النبوة ولم يمنع ذلك من حِلِّ طعامهم وإباحة نسائهم.
– العقد على الكتابية العفيفة صحيح، والزواج بها مشروع مع الكراهة، خلافًا لمن ذهب إلى بطلانه أو قال بنسخ إباحته من أهل العلم.
– وللزواج بالكتابيات- وإن كان مشروعًا- مخاطِرُه البالغة، منها ما أشير إليه فيما مضى من خشية كساد المسلمات، أو تعاطي غيرِ العفيفات ونحوه، ومنها ما أسفرت عنه التجارب المعاصرة من آثار خطيرة على مستقبل الناشئة في حالات الطلاق أو التفريق بين الزوجين التي تكثر في مثل هذه الحالات، ولاسيما في ظل حالة الضعف التي تعيشها الأمةُ عامَّةً وأقلياتها المهاجرة خاصةً في هذه الأيام.
– وينبغي على القائمين على الدعوة في المراكز الإسلامية التنبيهُ على هذه المخاطر، ومن أراد منهم أن يمتنع عن إجراء مثل هذه العقود سياسةً- فلا حرج في ذلك ما لم يؤدِّ ذلك إلى وقوعهم تحت طائلة القانون.
– للزوجة الكتابية الحقُّ في ممارسة شعائرها الدينية، ومن ذلك ذهابها إلى الكنيسة واحتفالاتها بأعيادها الدينية، وليس لزوجها منعها من ذلك وإن كان يعتقد بطلانَه أو تحريمَه وفقًا للصحيح من أقوال أهل العلم. على أن لا يمتد ذلك إلى أولاده منها فإنهم يتبعون أباهم في الدين بإجماع المسلمين.
– والذي يعقد للكتابية على المسلم هو وليُّها غيرُ المسلم فإن بعضَهم أولياءُ بعض، وله أن يتولى ذلك بنفسه، أو أن يوكل فيه رجلًا من المسلمين، فإن أبى تولى عقدها إمامُ الجالية، أو من اختارته الجالية للفصل في قضايا الأنكحة والفرق، كما أن لها أن تُوكِّل لإجراء العقد عليها من ترتضى من المسلمين، والتوكيل قد يكون شفاهة: مباشرة أو عن طريق الهاتف، وقد يكون كتابةً عن طريق الفاكس أو الإيميل أو غير ذلك من وسائل الاتصال المعاصرة على أن يستوثق من ذلك.
– والأصل في الشهود على هذا العقد أن يكونوا من المسلمين، فإن أُجري بشهادة غيرهم أُجيز اعتبارًا لرأي من قال بجواز ذلك من أهل العلم. والله تعالى أعلى وأعلم.