أنا مذنب وفعلت هذه الجريمة الشنيعة أكثر من عشرين مرة، وأنا الآن أتوب توبهً نصوحًا، وأرجو منكم أن تزيدوا لي الأشياء المهمَّة. وفقنا الله وغفر لنا ذنوبنا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلم تفصح يا بني عن ذنبك، ولا عن الشيء الذي تريدنا أن نزيد فيه، ولعلك تتحدث عن فتنة النساء، فإن كان ذلك كذلك، فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ الله مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاء»(1).
وقد علمت يا بني أن الزنى من الموبقات المقحمات، ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْـخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ»(2). وفي رواية: «وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ»(3).
وفي «صحيح الجامع الصغير» عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا زَنَى الْعَبْدُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ عَلَى رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا أَقْلَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ»(4).
ويبقى بعد ذلك أن المؤمنَ لا يقنط من رحمة الله، فلو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم استغفر ربه غفرها له ولا يبالي(5).
فعلى المؤمن أن يصدق التوبة، وأن يحقق أركانها: من الندم على ما فات، والإقلاع الفوري عن المعصية، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، وننصحك يا بني أن تتَّخذ لك رُفقةً صالحة، تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعته إذا ذكرت، وأن لا تصحب من الناس إلا من يدلُّك على الله حاله، ويذكرك بالله مقاله.
وبادر إلى الزواج إن كنت عزبًا، فقد قال نبيك صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»(6).
اللهم اغفر ذنبه، وحصِّن فرجه، وطهر قلبه، اللهم آمين. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء» حديث (2742).
(2) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الحدود» باب «لا يشرب الخمر» حديث (6772)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله» حديث (57).
(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الحدود» باب «إثم الزناة» حديث (6810)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله» حديث (57)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه..
(4) أخرجه أبو داود في كتاب «السنة» باب «الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه» حديث (4690)، والترمذي في كتاب «الإيمان» باب «ما جاء لا يزني الزاني وهو مؤمن» حديث (2625)، والحاكم في «مستدركه» (1/ 72) حديث (56)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا برواته وله شاهد على شرط مسلم». وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (509).
(5) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله» حديث (3540) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن»، وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/114) وقال: «أخرجه الترمذي وهو حديث حسن».
(6) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «من لم يستطع الباءة فليصم» حديث (5066)، ومسلم في كتاب «النكاح» باب «استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه» حديث (1400)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.