نحن عشر إخوة: بنتان، وثمانية رجال، مات واحد منهم وبقي على قيد الحياة سبعة، اثنان من الرجال بارَّان بأمهما، وهي تحبهما كثيرًا، ويسهران على خدمتها.
وعمرها خمسة وسبعون عامًا، وهي على قيد الحياة أمرت لهذين الأخوين أن تكتب لهما نصف الأرض التي تملكها لهما فقط، ولا تكتب للإخوة الآخرين بناتٍ وذكورًا أيَّ شيء، وهي ما زالت على قيد الحياة. أرجو الإفادة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد تعبَّد الله الآباء بالعدل بين أبنائهم في العطية، وعدم تقصُّد حرمان أحد منهم من الميراث، سواء أكانوا بارين بهم أم لا، وحسابهم على الله.
وقد أراد أحدُ الصحابة أن يخص أحدَ أبنائه بعطيةٍ في زمن النبوة، وذهب لِيُشهِدَ على هذا رسولَ الله ﷺ، فسأله إن كان قد فعل بكل ولده مثل هذا؟ فقال له: لا. فأبى رسول الله ﷺ أن يشهد على مثل هذا، وقال: «لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» وقال: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ».
فعن النعمان بن بشير قال: تصدَّق عليَّ أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رَوَاحة: لا أرضى حتى تُشهِد رسول الله ﷺ. فانطلق أبي إلى النبيِّ ﷺ لِيُشهِدَه على صدقتي. فقال له رسول الله ﷺ: «أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟» قال: لا. قال: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»(1). وفي رواية: قال: لا. قال: «فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا؛ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» أخرجه مسلم(2).
فنصيحتي لهذه الأم ألا تفعل ذلك، لاسيما وهي على مشارف لقاء ربها جل وعلا، فلتترك أمرَ الميراث كما جاء في كتاب الله -عز وجل-، ويوم القيامة يجمع اللهُ الأولىن والآخرين، وتُنصب الموازين، ويُوفَّى كلُّ عاملٍ ما عمل. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الهبة وفضلها والتحريض عليها» باب «الإشهاد في الهبة» حديث (2587).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الهبات» باب «كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة» حديث (1623).