امرأة كتابية متزوجة من كتابي، شرح الله صدرها للإسلام وبينهما أطفال، ولم تخبره بذلك، وكتمت إسلامها. ما حكم الشريعة المطهرة في استمرار العلاقة الزوجية بينهما؟ وإلى متى يظل أمر إسلامها سرًّا خصوصًا وأنها لا تستطيع القيام بشعائر الإسلام من صلاة وصوم بحضوره؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
إذا أسلمت المرأة الكتابية وبقيَ زوجها على كفره لم تعد حلًّا له، فليس لها أن تخلو به، ولا أن تمكنه من نفسها بوجه من الوجوه؛ لأن اختلاف الدين قد فرق بينهما؛ فقد قال تعالى: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10].
فإن كانت غير مدخول بها تعجلت الفرقة وانقطعت العصمة بينهما على الفور، وإن كانت مدخولًا بها فالزواج موقوف مدة العدة، فإن أسلم في عدتها فهو أملك بها واستقر نكاحهما من غير حاجة إلى تجديد عقد، وإن لم يسلم حتى خرجت من العدة انفسخ ما بينهما من نكاح، وكانت أحقَّ بنفسها، وحلت لمن ترغب من الأزواج.
وعلى هذا فلا يجوز لهذه المرأة أن تقر عند زوجها الكتابي بعد إسلامها، سواء أكانت تمارس شعائر دينها سرًّا أم تمارسها جهرًا؛ لأن الأمرَ لا علاقة له بمدى الحرية المتاحة في ممارسة الشعائر، وإنما يتعلق بمبدأ: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10].
وأنه لا يجوز أن يجعل لكافر سبيلًا على مؤمن، كما قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: 141]، ولا سبيل أعظم من ولاية الزوج على امرأته. والله تعالى أعلى وأعلم.