هل صحيح أن الذي لم يتزوَّج لم يوفِّقه الله، سواء كان عمر الشَّخْص في الثَّلاثين أو الأربعين؟ لأن أبي يقول لي دائمًا: ربنا لا يوفِّقك لأنك لم تتزوَّج. وهذا كلامٌ يَحزُنني جدًّا، فهل هذا صحيح؛ لأنني أعلم ﴿وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ﴾ [البقرة: 216]، وأعلم أن أمر المؤمن كله خير؟ أفيدوني إلى الحقِّ بإذن الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الزَّواج هو سنة الأنبياء والمرسلين، ولا يمنع المرء من الزَّواج إلا عجز أو فجور؛ وقد قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 32]، وقال صلى الله عليه وسلم : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»(1).
أمَّا التَّوفيق وعدمه فأمره إلى الله وحده، ومقصود أبيك فيما يظهر أن يُحرِّضك على الزَّواج، وأن يُخوِّفك من مغبَّة تركه، وقد أحسن في هذا وأصاب، إلا أنه ليس له أن يجزم بأن الله لم يُوفقك بسبب ذلك؛ فإن علم ذلك على التَّحْقيق عند الله عز وجل .
ولكننا ننصحك بطاعة أبيك، ومن قبل طاعة نبيِّك صلى الله عليه وسلم بالزَّواج ما دمت قادرًا على الباءة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) متفق عليه.