كيف الحال يا شيخ صلاح؟ نأمل أن تكون في تمام الصحة والعافية، دكتور صلاح، حدث نقاشٌ بيني وبين أحد العوام، وهو ليس طالبَ علم شرعي، لكنه يعرف أساسيات دينه، حول موضوع الدخول بالزوجة المعقود عليها بشاهدين وولي وإعلام بسيط خلال العقد لمن حضره، وأيضًا لم يتواصوا على استكتام النكاح، فدخل الزوج بالزوجة، رغم أنها لم تكن في بيته، بسبب أنهما يريدان القضاء على الشهوة غير المعقولة بينهما لشدة حبهما، فقال ذلك الرجل بأن ذلك الدخول حرام؛ لأن الولي والشهود لا يعلمون بأن الدخول حدث، وقال أيضًا بأنه لم يحدث إعلان للدخول، فهل من الناحية الشرعية عليهما بأس بالدخول في هذه الحالة دون علم الولي والشهود ودون إعلان الدخول؟ خاصة أن موعد الدخول بينهم وبينه مدة طويلة، وهما متفقان على محبتهما، وبإذن الله لن يفترقا، وهما واعيان أن هذا الأمر غير مقبول عرفيًّا، لكن هل هذا مقبول شرعًا؟
الشاب يسوغ دخوله بمخطوبته قبل حفل الزفاف بأنه لم يستطع التحمل بعيدًا عنها، وهو شاب شديد الرغبة، وخاف أن تتبع نفسه الفتيات، فلماذا لا يتمتع بحلاله؟ خاصة إذا كان بينهما حب شديد إضافة إلى أن الشاب لم يتفق شفهيًّا مع الوالد قبل العقد أو خلاله على عدم الدخول قبل الزفاف رغم أن هذا عرفيًّا أمر معروف أنه لا يتم الدخول إلا قبل الزفاف، ولكن الأهل وثقوا بأنه لن يدخل بها قبل الزفاف، إلا أن تأخيره لدخوله عليها أضرَّهُ نفسيًّا وجسديًّا، وهو يحتاج لها زوجة، هل عليهما إثم الزنا في هذه الحالة؟ وهل زواجهما ونكاحهما صحيح؟ وهل دخولهما صحيح بالاتفاق بينهم بعد العقد دون أن يعلم أحد بالدخول على أن هذا شأن خاص بهما؟
الرجل الذي تناقشت معه قال بأنه لا يحكم أنه زنا؛ لأنه ليس متأكدًا، لكنه جعلني أتشكك بالأمر، مع ملاحظة أنني صديق الشاب الذي دخل بزوجته وأنا أعلم بشدة حبه لها، إلا أنه بسبب تعليمها وعدم انتهائه من بناء المنزل بسبب الديون تم تأجيل حفل الزفاف، فهل عليهما بأس في ذلك خاصة أنني أرى صدق حبهما ورغبتهما بالزفاف والاستقرار وخاصة أن الفتاة مستعدة للتنازل عن مهرها؛ لأنه رجل شهم وهي تحبه، بالإضافة إلى أن العقد لم يكن مثبتًا بالمحكمة لخوف الأهل من أن يطلقها فتصبح قانونيًّا كالمطلقة، ولم يتم تحديد المهر خلال «العقد البراني»، لكن سيتم تحديده عند تثبيت العقد. إن كل ما يستلزم في العقد الشرعي من ولي وشهود وإعلان بسيط بين من حضر العقد قد علم بالعقد بينهما لكن لا أحد يعلم بالدخول إلا الرجل وزوجته، فهل عليهما بأس في ذلك؟ وهل يشترط أن يعلم الولي أو الشاهدان بأنه سيدخل بالفتاة؟ أي هل يجب إعلام الولي أو الشهود قبل الدخول بالزوجة؟
لقد خِفْت على صديقي وهو طلب مني أن أسال فضيلتكم، لكن المصاريف الكثيرة أرهقته، وتلك زوجته تسانده كثيرًا، وأحبت أن تسلم له نفسها كعربون عن مدى صدقها وحبها له ومدى ثقتها به، أنا لست بعالم شرع، لكني أعلم أن بينهما نكاح صحيح، فهل التمتع بينهما حلال أم لا رغم أنه مرفوض عرفيًّا خوفًا من أن يغدر بها الشاب ويتركها؟ لكن هل هو حلال شرعًا؟ بالإضافة إلى أن عدم دخوله بزوجته خلال هذه المدة الطويلة حتى الزواج سيجعله تعبًا؛ لأن له احتياجات، ولأن حبهما لبعضهما قد تعدى الحدود، فلا يمكن أن يجلسا معًا إلا ويحدث بينهما ما يحدث بين الزوجين، وحين يكونان في خلوة يحدث الجماع كاملًا، فهل ما حدث من دخول حلال؟ وإن كان مرفوضًا عرفيًّا هل يجعله ذلك حرامًا؟ خاصة أنه في حالتنا المسألة فقط حتى يتزوجا وهما معًا منذ ٣ سنوات مدة الخطوبة، ويعرفان بعضهما منذ الطفولة؛ لأنهما أبناء منطقة واحدة، وكان يجمعهما الحب منذ سن مبكرة، وأنا أعلم بأنه لن يتركها ما دام حيًّا، نرجو منك الجواب كي نعلمه حالًا، ولك جزيل الشكر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد كان الأولى بهما أن ينتظرا الدخول حتى يتم الإشهار الرسمي والعرفي به، ولكنها على كل حال زوجته أمام الله وأمام عباده، فما وقع بينهما وإن خالف عرفًا مستقرًّا، ولكنه لا يخالف ثابتًا من ثوابت الشريعة، ولا يلتحق بالزنا بوجه من الوجوه، ولا أثر له على صحة العلاقة الزوجية القائمة بينهما؛ لأن عقد الزواج يقتضي حِلَّ الاستمتاع بين الزوجين على النحو المشروع. فقط نوصيهما بالتعجيل بإعلان البناء حتى يطوى قيد هذا الأمر؛ لأنه لو حدث حمل بينهما في هذه الفترة سيجعل للعامة سبيلًا إلى عرض الفتاة. والله تعالى أعلى وأعلم.