أتى زوجته من دبرها جهلًا

أنا شخص متزوج منذ سنين. جامعت زوجتي مرة واحدة في دبرها وبعدها ندمت أشدَّ الندم وأقلعت عن ذلك. المشكلة أنني أثناء الجماع أُدخِل في كثيرٍ من المرات سبابةَ يدي في دبُر زوجتي قصدَ الاستمتاع ودون رفض الزوجة لذلك، وجاهلًا للحكم الشرعي لهذا التصرف؛ ظنًّا مني أنه مباح ويجوز ذلك، إلا أني وجدت من يمنع ذلك إثر تصفحي للشبكة العنكبوتية، فأصبت بالخوف من أن أكون ارتكبت كبيرةً من الكبائر أو أن أكون كفرت والعياذ بالله اعتمادًا على الحديث: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ».
فما حكم ما اقترفته من إدخال الأصبع في دبر الزوجة؟ وهل أكون بذلك كافرًا أو مرتدًّا؟ فما حكم زواجي عندئذ؟ مع العلم أن لي ثلاثةَ أبناء. أفيدوني بسرعة فضيلة الشيخ، إذ إنني في حالة نفسية صعبة من ندمٍ وقلق وخوف ووسواس.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن إتيان المرأة في دبرها من الكبائر، وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 222-223]
فالمرأة حلٌّ لزوجها إلا الدُّبُرَ والحيضةَ. وكذلك النفاس، وفي حال الإحرام، وفي الظهار قبل التكفير.
وقد جاء في «المسند» و«سنن الترمذي» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»(1).
وفي «سنن أبي داود» وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا»(2).
وفي «المسند»: «لَا يَنْظُرُ اللهُ عز وجل إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا»(3).
وقد ندمت على ما كان، و«النَّدم تَوْبَةٌ»(4). وأسأل الله أن يقيل عثرتك، وأن يتقبل توبتك، اللهم آمين.
ولا يجوز لك إيلاجُ إصبعك في دبرها لما في من ملامسة موضع النجاسة المغلظة بغير حاجة، فضلًا عن منافاته للفطر السليمة، وربما قال قائل إن المنع من ذلك قياس أولوي على المنع من الإيلاج في الدبر، لأنه إذا منع من ذلك العضو الذي من شأنه الولوج في الفرج المباح، فأن يمنع ذلك عن غيره مما ليس من شأنه ذلك من باب أولى، فضلًا عن كون ذلك ذريعةً إلى الوطء في الدبر فإن من حام حول الحمى يوشك أن يواقعه(5).
وما وقع منك عن جهالة أرجو أن يكون في محلِّ العفو، فإن حكم الخطاب لا يثبت في حق المكلف إلا إذا بلَغَه، والمعاصي في الجملة لا يَكفُر أصحابها إلا بالاستحلال. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 476) حديث (10170)، والترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في كراهية إتيان الحائض» حديث (135)، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (551)، وذكره في «صحيح الجامع» حديث (5939).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 479) حديث (10209)، وأبو داود في كتاب «النكاح» باب «في جامع النكاح» حديث (2162)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» (5889).
(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 344) حديث (8513)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «النهي عن إتيان النساء في أدبارهن» حديث (1923) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (2/110) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».
(4) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 422) حديث (4012)، وابن ماجه في كتاب «الزهد» باب «ذكر التوبة» حديث (4252) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/ 248) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات»، وذكره الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» حديث (3147) وقال: «صحيح لغيره».
(5) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «فضل من استبرأ لدينه» حديث (52)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «أخذ الحلال وترك الشبهات» حديث (1599)، من حديث النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ الْـحَلَالَ بَيِّنٌ، وإن الْـحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْـحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ».

تاريخ النشر : 25 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 12 فتاوى المرأة المسلمة
التصنيفات الفقهية:  

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend