أنا شخصٌ بعد حلفي بقول: «عليَّ الطلاق». وأنا أوسوس وخائف من أن يقع الطلاق.
أنا لي علاقة مع فتاة عبر الإنترنت وأتحدث إليها، وأنا أريد أن أقطع هذه العلاقة لأنني أريد أن التزم وأترك هذا الفعل. فجأة بيني وبين نفسي قلت: «عليَّ الطلاق ألا أشبك عشانها ولا راح أكلمها» ولم أتلفظ به.
للأسف لم ألتزم بقولي: «علي الطلاق ألا أكلمها». وكلمتها عدة مرات بعد حلفي. هل وقع الطلاق بعدم التزامي بحلفي؟ مع العلم أنه كان حديثَ نفس ولم أتلفظ به.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأول ما ننصحك به هو الابتعاد عن هذه الفتاة والرضا بما قسَمه الله لك من زوجة حلال، سواء أكان يمينُك هذا معتبرًا أم غير معتبر، ولعلَّ الذي تُكابِدُه إنما هو من شُؤم هذه المعصية، فاتَّق الله وأقلع عن ذلك، لعل الله أن ينظر إليك نظرة فيرحمك بها.
أما بالنسبة لليمين فإن كُنت لم تتلفظ به، وكان مجرَّدَ عزم داخلي بدون تلفظ- فلا ينعقد ذلك يمينًا، ولا يترتب عليه عند المخالفة شيءٌ. أما إذا كنت قد تلفظت به ثم حنثت فقد لزمك الطلاقُ ويلزمك تجديدُ عقدك عند جمهورِ أهل العلم(1)، أو كفارة يمينٍ على قول من أفتَى بأنَّ يمينَ الطلاق الذي لا يُقصد بها الطلاق، وإنما مجرَّد الحض أو المنع- يمينٌ مكفَّرَة، ويخرج من تبعتها عند الحنث بكفارةِ يمين.
وهذا القول الثاني هو الذي نُفتي به في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، وكفارة اليمين إطعامُ عشرة مساكين، أوكسوتهم؛ فإن لم تجد فصيامُ ثلاثة أيام(2).
ونسأل الله لك الهُدى والتُّقى والعفافَ والغنى. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) جاء في « حاشية ابن عابدين » (3/ 20) من كتب الحنفية: «وأفتوا بالوقوع في علي الطلاق وأنه تعليق يقع به الطلاق عند وقوع الشرط لأنه صار بمنزلة إن فعلت فأنت كذا ومثله الطلاق يلزمني لا أفعل كذا مع كونه غلطا ظاهرا لغة وشرعا لعدم وجود ركنه وعدم محلية الرجل للطلاق».
وجاء في « حاشية الصاوي » (2/ 126) من كتب المالكية « ( ومثاله أن يقول يلزمني أو علي الطلاق ) : كل من يلزمني وعلى تنازع فيه الطلاق وهذا مثال لحل العصمة وأشار لمثال التزام القربة في البر بقوله مثلا ».
وجاء في« المجموع شرح المهذب» (17/ 95) من كتب الشافعية «قوله: ويجوز إضافة الطلاق إلى الزوج إلخ، وهذا صحيح فإنه إذا قال لامرأته: أنا منك طالق، أو قال لها: طلقي نفسك فقالت: أنت طالق،فهو كناية في الطلاق، فإن نوى الطلاق في الاولة ونوته في الثانية وقع عليها الطلاق».
وجاء في «الإنصاف» (9/ 6) من كتب الحنابلة «اعلم أن الصحيح من المذهب أن قوله “أنت الطلاق” أو “الطلاق لي لازم” أو “يلزمني.الطلاق” أو “علي الطلاق” ونحوه صريح في الطلاق منجزا كان أو معلقا بشرط أو محلوفا به.نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم لكن هل هو صريح في الثلاث أو في واحدة يأتي ذلك، وقيل: ذلك كناية. »
(2) قال تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].