ما الحكم إذا كان شخص يبيع أدوية منشطة مثل ترامادول وحلف بالطلاق كذبًا وقال: «علي الطلاق دي بكذا». لكي يكسب فيها. هل يقع الطلاق بحلفه كذبًا؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهل علم هذا الشخص أن من يروج سلعته بالحلف الكاذب لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم؟!
فعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ». قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرارٍ. قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: «الْـمُسْبِلُ إِزَارَهُ، وَالْـمَنَّانُ، وَالْـمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكَاذِبِ»(1).
إن أول ما يلزمه أن يتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحًا من هذه الكبيرة، التي تستوجب عليه كل هذا السخط والمقت من الله جل جلاله.
وبعد هذه التوبة النصوح، بما تعنيه من الندم على ما كان، والإقلاع الفوري عن هذا المسلك المذموم البئيس، والعزم القاطع على عدم العودة إلى ذلك في المستقبل أبدًا- نقول له:
عليك كفارة يمين، لأن يمين الطلاق التي لا يراد بها الطلاق، بل يراد بها ما يراد بالحلف من الحضِّ أو المنع أو التصديق أو التكذيب- لا يقع بها الطلاق، إنما هي يمين مكفَّرة في أظهر القولين، وهو اختيار مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، فقد جاء في وثيقة المجمع للاحوال الشخصية حول الحلاف الطلاق ما يلي (لا يقع الحلف بالطلاق عند الحنث فيه إلا إذا قصد به حقيقته، فإذا لم يقصد به إلا الحض أو المنع لزمته كفارة يمين. )
وكفارة اليمين ما جاء في قول الله جل جلاله: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89] . والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» حديث (106).