لي ابنتان: الأولى بالغة محجبة، والثانية لم تبلغ بعدُ، وفي حالة غضبٍ وعصبية مني أقسمت على زوجتي أمامهم إن خرجوا للمدرسة أو أي أمر خارج المنزل بدون أن تلبس الصغيرة الحجاب والكبيرة الخمار أن تكون أمهم طالقًا بالثلاثة: «عليَّ الطلاق بالثلاثة، تكوني طالق بالثلاثة لو خرجوا من غير حجاب وخمار».
وخرجت الابنة الصغيرة بدون حجاب غير مدركة للعواقب. أفيدوني، فلي غيرهم ثلاثة أبناء. ما هو حكم الشرع مع الوضع في الاعتبار:
* أني كنت في حالة غضب وعصبية.
* أن البنت الصغيرة لم تبلغ بعدُ، فلا يلزمها الحجاب.
* أن الأم ساعة خروج الابنة غير المكلفة لم تكن بالمنزل.
* أن الزوجة في فترة الحيض.
والمُعلَّق من الطلاق: إن كان غرضُ الزوج المُتلفِّظ به وقَصْدُه التخويفَ أو الحَمْل على فعل الشيء أو تركه وهو يكره حصول الطلاق ولا رغبة له فيه، كان في معنى اليمين بالطلاق، لا يقع به شيء؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن كان غضبك قد بلغ بك مبلغ الإغلاق، فأغلق عليك باب القصد وباب العلم وأفقدك القدرة على ضبط أقوالك وأفعالك، فلا يقع طلاقك في هذه الحالة؛ لأنه «لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»، وإن لم تصل إلى هذه المرحلة فلا ينفعك الاعتذار بالغضب؛ لأنك لا تكاد تجد أحدًا يطلق زوجته إلا وهو غاضب في الجملة.
يبقى بعد هذا أنه إن كان المقصود من هذا اليمين إلزام الزوجة بأن تكون رقيبة على بناتك في التزامهم بالحجاب، وأن تؤازرك في مسعاك لحملهم عليه، فلا يدخل فيه ولا يمثل خرقًا له فيما يظهر خروج ابنتك من المنزل وأمها غائبة؛ لأن الأم في هذه الحالة لم تعصِ لك أمرًا، ولم تتعمد أن تُفشل لك سعيًا؛ إذ لابد لها من خروج، وقد استثمرت ابنتك خروجها فتركت المنزل بغير حجاب.
ولعلي أسوق لك ذلك في عبارة أخرى: إن الله أمر زوجتك كما أمرك برعاية الأسرة، والقيام عليها وحملها على طاعة الله عز و جل ، «الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْـمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ»، فهل إذا خرجت ابنتك مرة بغير علمك وهي متبرجة، تكون أنت مسئولًا أمام الله عن خروجها الذي نهيتها عنه ولم تعلم به؟! أم أنك غير مسئول؛ لأن هذا خارج حدود الوُسع والطاقة؟! فما نفى عن هذا العمل أن يكون جُرمًا وإخلالًا بالطاعة في علاقتك بربك ينفي عنه أن يكون جرمًا وإخلالًا بالطاعة في علاقة زوجتك بك.
فتأمل قَصْدك بارك الله فيك، فإن كان هذا الذي ذكرتُه لك، وكانت زوجتك لم تفرط في متابعة ابنتك، فالذي يظهر لي أن طلاقك لم يقع. والله تعالى أعلى وأعلم.