لو سمحت يا شيخ، أرسلت لك سؤالًا ولم تُجبني، أرجو أن تجيبني لتريحني، فأنا قلت لزوجتي في الهاتف «لو قفلتِ السكة هبعتلك ورقتك»؛ لأمنعها من أن تغلق الهاتف معي، وفعلًا لم تغلق، فهل بذلك يقع طلاقٌ أم يُعتبر صيغة متكررة لتعليق الطلاق؛ لأنها في يوم آخر أغلقت الهاتف معي ولم أكن قد قلت لها نفس الجملة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذه الصيغة لا تُفيد التكرار، والحمد لله أنها أطاعتك أول مرة ولم تغلق الهاتف معك، فانحلت عقدة اليمين عند هذا الحد.
ولا يترتب على إغلاقها الهاتف معك في مناسبة أخرى طلاق؛ لأنك لم تعلِّقِ الطلاق إلا على إغلاقها الهاتف معك في الموقف الأول، فضلًا عن أن هذه العبارة من كنايات الطلاق فلا يقع الطلاق بها إلا مع النية.
ولكن وصيتي أيها الحبيب ألا تعوِّد لسانك على النطق بالطلاق، فإن الطلاق أيمان الفجار، وأحسبك من الأخيار والله حسيبك ولا أزكي على الله أحدًا، و«مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِالله أَوْ لِيَصْمُتْ»(1).
فاستصلح علاقتك بزوجتك، فليست الرجولة أن تلوي عُنُقَها بالطلاق، بل أن تأسر قلبها بالمعروف، والطيب من القول والفعل، ومن وجد الإحسان قيدًا تقيَّدَا، فاحفظ فيها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»(2). والقائل: «مَا أَكْرَمَهُنَّ إِلَّا كَرِيمٌ، وَمَا أَهَانَهُنَّ إِلَّا لَئِيمٌ»(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
——————————-
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الشهادات» باب «كيف يستحلف؟» حديث (2679)، ومسلم في كتاب «الأيمان» باب «النهي عن الحلف بغير الله» حديث (1646)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «الوصاة بالنساء» حديث (5186)، ومسلم في كتاب «الرضاع» باب «الوصية بالنساء» حديث (1468) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق» (13/ 313) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.