هل يجوز أن الإنسان ينوي بينه وبين الله أن طلاقَه لا يقع باللفظ إلا أمام المأذون وشاهدي عدل؛ وذلك لإصابته بوسوسة قهرية في الطلاق. ويقاوم الألفاظ على لسانه بكلِّ قوة، فأنا أريد أن أستريح من هذا الهم الثقيل فأنا إن تيقنت أن طلاقي لا يقعُ إلا أمام مأذون وشاهدي عدل، فإني سوف أرتاح من هذا الهم، وقد قرأت من قبل هذا الموضوع:
الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر:
أكد الشيخ سيد العراقي المدير العام السابق لإدارة البحوث والتأليف والنشر بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر؛ أن قضية الإشهاد على الطلاق وتوثيقه كان أول من أثارها الشيخُ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق، لكن اقتراحه قوبل باعتراض شديد من العلماء، خاصة من الشيخ محمد خاطر مفتي الديار المصرية في ذلك الوقت، رغم أن الشيخ جاد الحق رحمه الله عرض الاقتراح بطريقة جيدة وقال: إن بعض الناس يحلفون بالطلاق بصورة روتينية في كل كبيرة وصغيرة، وإذا قلنا بوقوع مثل هذا الطلاق فإننا سوف نطلق الكثير من السيدات ويتم تفكيك آلاف الأسر وتشريد الأبناء، وربما لا يكون الأزواج يقصدون إيقاعَ الطلاق، وإنما يريدون الحلف فقط لتأكيد كلامهم ونحو ذلك.
وأضاف الشيخ العراقي: إن شيخ الأزهر السابق طلب أن يكون الطلاق مثل الزواج لا يتمُّ إلا بحضور شاهدين وبوثيقة رسمية، واستند في كلامه إلى الكثير من الأدلة الشرعية، وأوضح أن ذهاب الزوجين إلى المأذون لإيقاع الطلاق وإحضار الشهود يُؤكد رغبتهما الحقيقية في إيقاع الطلاق، أما أن يحلف الزوج بالطلاق في بيع أو شراء أو في مشاجرة أو جدال، فهذا ينبغي ألا نلتفت إليه، لكن إذا رغب الزوجان في إيقاع الطلاق فعليهما الذهاب إلى المأذون، ولو قررا التراجعَ عن الطلاق قبل الوصول إلى المأذون فلهما الحق في ذلك.
وأشار إلى أن علماء مجمع البحوث الإسلامية رفضوا اقتراح الشيخ جاد الحق وتمسكوا برأيهم وقالوا: إن هذا الكلام يخالف الحرية الشخصية للمرأة وللرجل، ويخالف الاجتهاد. وتمَّ حذف هذا الاقتراح من مضبطة المجمع، مؤكدًا أن هذه القضية تحتاج إلى جرأة وشجاعة من العلماء لتنفيذ هذا الاقتراح، وكذلك إقناع العلماء الذين يرون أن قصر وقوع الطلاق على الإشهاد والتوثيق على يد مأذون فيه حجر على حرية الإنسان خاصة المرأة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يصلح يا بني أن تنوي بقلبِك عدمَ وقوع الطلاق الذي تقصده وتصرح به بلسانك، إلا أمامَ المأذون، فإن السببية حكمٌ شرعي، وقد جعلت الشريعة التلفظ بالطلاق المقترن بالقصد إليه من أسباب وقوع الطلاق بإجماع المسلمين، والقول بخلاف ذلك افتئات على الشرع، ومصادمة لأبجديات الأحكام الشرعية وأبجدياتها.
وكلام صاحب الفضيلة الشيخ جاد الحق رحمه الله له تخريج آخر، وتلك قضية مجمعية كبرى يترك أمرها إلى المجامع الفقهية، ولا يقفز إليها بمناسبة مشكلة عرضت لك.
فاتق الله يا بني، وأمسك عليك لسانك، وإن غلبك الوسواس فاطرحه جانبًا، لا تلفت إليه ولا تبنِ عليه.
واعلم أن الأصل في الذمم البراءة، وأنه لا تنشغل ذمتك بمثل هذه الوساوس.
أسأل الله أن يمسح عليك يا بني بيمينه الشافية، وأن يجمع لك بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى وأعلم.