الشيخ الفاضل صلاح الصاوي كنت منذ عدة أيام قد جاءني وسواس بحوار بيني وبين أحد أصدقائي وهو يقول لي كلمة «طلِّقها»، بمعنى أن أطلق زوجتي، ولكن ليست المشكلة في هذا الوسواس، ولكن المشكلة أنني جاءني لفظ «طلقها» على لساني، وعندما قلته خفت كثيرًا، وبعدها في اليوم التالي استيقظت فدخلت الحمام فجاءني رُعب عندما تذكرت ما حدث بأنني قلت كلمة «طلقها»، ولكن كفعلٍ ماضٍ، فأخذت أتذكر هل قلتها بفعل مضارع أم بفعل ماضٍ فقلت «خلاص كده أنا طلقت» لكي أستريح مما أنا فيه من ضيق، وبعدها خفت أكثر من قولي «طلقت» وهذا هو سؤالي الأول، هل فيما حدث يقع شيء؟
ثم بعد ذلك استشرت الشيخ محمد صلاح في هذا الأمر، فقال لي: لا يقع شيء؛ لأنك لا تقصد، ولا طلاق بدون قصد. وانصرفت وشكرته، ثم أعدت التفكير في كلام الشيخ محمد صلاح، ولكن جاءني سؤال كيف قال لي الشيخ بأني لم أقصد وأنا قلت ذلك وأنا قاصد أن أقول ذلك؛ لأخلص نفسي من الضيق والملل؟! وهذا هو سؤالي الآخر لك يا شيخي، وأتمنى أن تجيبني وتُفْهِمَني بالتفصيل؛ لأني أعمل مخرجًا ومدرسًا مساعدًا بكلية الإعلام وتعوَّدت على أن لكل شيء أسبابًا وقواعد، وأرجو منك أن تفهمني ما لم أفهمه، وسر إجابة الشيخ محمد صلاح عليَّ؛ لأني في حيرة من أمري.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يقع طلاقُ المبتلى بالوسوسة القهرية مثلك ولو صرَّحَ بلفظ الطلاق، وسمعه جميع مشاهدي قناة الهدى التي تعمل بها، إلا إذا قصدْتَ إليه راضيًا به مطمئنًا إليه، والسبب في ذلك بَيِّنٌ، وقد شرحناه من قبل عشرات المرات؛ لأنه مستغلق عليه طَوَال الوقت، و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(1).
وكلام الشيخ محمد واضح، فأنت لم تقصد إلى الطلاق، ولكن قصدْتَ إلى اللفظ، لا لتنهي به العصمة، بل لتنهي به عذابات الوسوسة ومعاناتها. فإن قلت: وكيف أعرف أنني كان قصدي اللفظ وليس قصدي العصمة؟ فجوابه ما يلي:
لو سألناك الآن: هل تريد طلاق زوجتك؟ هل كَرِهْتَ عشرتها؟ هل وُجِدَ بينكما من المشكلات ما يقتضي طلاقها؟ فإن قلت: نعم، لقد كرهت هذه المرأة، وأريد التخلص من علاقتي بها، وما نطقت بهذه الألفاظ إلا لرغبتي القاطعة في التخلص منها، ويا ليت بيني وبينها بعد المشرقين. ساعتها نقول لك: لقد احتسبت عليك هذه الطلقة. فهل أنت كذلك؟!
اللهم اهْدِ قلبَهُ واصرف عنه السوء، واجمع له بين الأجر والعافية، اللهم آمين. والله تعالى أعلى وأعلم.