أنا شاب مصاب بالوسواس القهري في الطلاق، وقد أصبحت أعيشُ في قلقٍ دائم بسببه. زوجتي والحمد لله متحجبة ولكني في الفترة الأخيرة وعند فتحي لخزانة الملابس وجدت قميصًا قصيرًا لا ترتديه المتحجبات، فسألتها عنه فأعلمتني بأنها سترتديه وتخرج به إلى الشارع، فشعرت بالغضب، وأنا أسكن في طابق علوي وله بابان باب يطل على الشارع وباب المنزل وبينهما مدرج مغطى. فقلت لها: إن تجاوزت به باب المنزل فإني سأغضب، حينها سرى معنى الطلاق في نفسي مع إني لم أتلفظ به أبدًا ولم أنطق إلا بكلمة «سأغضب». وللخروج من هذا المأزق طلبت منها أن لا تتجاوز به باب المنزل. حينها أخبرتني أنها كانت تمزح وأنها سترتديه في المنزل فقط، ولكني ما زلت أشعر بالقلق حيال ما بدر مني لأني أحسست حينها أن كلمة «سأغضب» التي قلتها كانت نيتي حينها تتحدث بالطلاق ولكني لم أنطق بها أبدًا. مع العلم أني عندما قلت لها: «إن تجاوزت به باب المنزل سأغضب». كانت نيتي الشارع. أنا الآن في قلق لذلك أردت استشارتكم، هل إن تجاوزت به بابَ المنزل مثلًا لتنظيف المنزل يقع مني طلاق؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فليت زوجتك تتقي الله ولا تمزح بمثل ذلك، ولا تعلب بالنار! وقد علمت ما تُعانيه من الوساوس القهرية والهواجس المرضية! إنها مزحة ثقيلة بغيضة منكرة عندما توجه إلى مريض مبتلى مثلك!
وصاحب الوساوس القهرية لا يقع طلاقُه ولو صرَّح به، إلا إذا قصده راضيًا مطمئنًّا؛ لأنه مستغْلَقٌ عليه طوال الوقت و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»(1).
وبناء على ذلك فلا يترتب على ما ذكرته شيء. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).