موسوسة تسأل زوجها يوميًّا عن كلمة قالها تشبه الطلاق

أنا يا دكتور أستنجد بكم أن تغيثوني، فقد ضاقت بي السبل وتقطَّعت بي الأسباب، منذ سنة كنت أحاول أن أصرخ خلالَ شجار مع زوجي وكان البيت عندنا فيه ضيوف، وكنت أطلب منه أن يطلقني وهوكان يُمسك فمي كي لا يدري الضيوف، فقال لي بالدارجة المغربية: «طلقتك» وأزال يده عني. وهذا فعلٌ جار عندنا عند ترك شيء نمسك به، ومشتق من كلمة «اطْلَقَ».
صدمت حينها وسألته ماذا فعل؟ فرد عليَّ أنه لم يقل لي سوى ما فعل، أي أنه لم يعُد يُمسك فمي وقال لي: «قلت طْلْقْتْكْ وليس طَلَّقْتُكْ». لكني لم أصدق لأني خفت أن يكون قد أعطاني ما طلبت في لحظة غضب شديد.
و سارت الأيام وأُصبت منذ ذلك الحين بوسواس أهلكني، وصرتُ أطلب منه يوميًّا أن يُعيد لي تلك الواقعة كي ارتاح، وهو صبر معي كثيرًا لأنه يُحبني أنا وابننا.
ومنذ أيام أتاني وسواسي في صلاتي فسألته أن يعيد لي كالعادة، وحين كان يعيد لي نسِيَ ونطق الكلمة التي قال حينها، أي قلت «طْلْقْتْكْ» وليس «طَلَّقْتُكْ» علمًا أنها ممنوعةـ وكان دومًا يعوضها بـ«فْعْلْتْكْ » وليس «فعَّلْتُكْ» لأني صرتُ أخاف من أية كلمة تُشبه هذه الكلمة المشئومة، أصبت بنوبة وسواس وزوجي لم يستطع تحملي، فخرج لصلاة العشاء وبقينا وحدنا أنا وابني ونوبة وسواسي، لم أستطع التحمل كِدت أُجن، فخرجت أنا وابني ذو 3 سنوات في السيارة ونحن في حال لا يعلمها إلا الله، فالتقينا عندها به وهو راجع من المسجد، أوقفت السيارة وانهلت عليه باللوم، كان خوفي شديدًا لأني والله شاهدة على ما أقول، أحبه ومتشبثة به، فردَّ علي «طْلْقْ» يقولها كل المغاربة ولا تعني ما تظنين «طْلْقْتْكْ طْلْقْتْكْ» لا تخافي منها لأنه لا علاقة لها بالشيء السيِّئ الذي في رأسك.
لم يزدني قولُه إلا جنونًا لأنني ظننته قالها وكررها ولم يعد لنا سبيل إلى الرجعة، وعدنا إلى البيت فبكيتُ وصرخت، لم أعد أستمع إلى محاولات إقناعه لي بالفرق بين الكلمتين، وأنا لا أعي ماذا أصابني، لم أعد أستطيع الصلاة، لا أسمع سوى هذه الكلمة في رأسي.
استنجدَ هو بأهلي فاجتمعوا حولي في محاولتهم إقناعي بدون جدوى، أنا أكره ما وصلت إليه ولكني لا أستطيع تغيير شيء، زوجي يحلف لي ويده فوق كتاب الله أنه مظلوم، لكني وبالرغم من ثقتي فيه وحبي له لا أستطيع أن أخرج من حالتي. التبست الأمور في عقلي المريض بالوساوس ولم أعد أدري ما الذي عليَّ فعله. فأفتوني في أمري جزاكم الله خيرًا وجعله في ميزان حسناتكم.

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فحالتك يا بنتي حالةٌ طبية وأخلاقية:
أما كونها طبية فلا يخفى من استعراض المشاهد التي قصصتها في رسالتك أن هذا ليس تصرفَ الأسوياء من البشر!
وأما كونها حالة أخلاقية فلِمَا ذكرته من صراخك على زوجك وعنده ضيوف وهو يحاول أن يستر هذه الفضيحة بوضع يده على فمك، ولكنك تصرخين، ولم تسكتي حتى نطق بهذه الكلمة، وساعتها تغشاك جنون من نوع آخر، وأصبحت تلاحقينه بأسئلتك المجنونة.
كم أرثي لهذا الزوج الصبور، وأسأل الله أن يرزقه ثواب الصابرين على ما ابتُلي به!
كُفِّي عن متابعة زوجك فهو المسئول عن العصمة، وهو الموقوفُ ديانةً بين يدي ربه ليسأل عن ذلك.
إن كانت هذه الكلمة في الدارجة المغربية لا تعني الطلاقَ فقد قُضي الأمر، قال ابن قدامة رحمه الله: «وإن قال: أردت بقولي: أنت طالق، أي: من وثاقي، أو قال: أردت أن أقول: طلبتك، فسبق لساني، فقلت: طلقتك، ونحو ذلك، دين فيما بينه وبين الله تعالى، فمتى علم من نفسه ذلك لم يقع عليه فيما بينه وبين ربه»(1).
وما ذكره بعد ذلك على سبيل الحكاية لا يقع به طلاقٌ؛ لأن من أركان الطلاق القصد، فلا تتعالمي ولا تتفيهقي، وأغلقي فمك، وأقبلي على حياتك الزوجية فاستصلحي شأنها، واستعتبي زوجك الصبور، واطلبي صفحَه، فإن عجزت فعلاجك عند الأطباء وليس عند الفقهاء. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________
(1) «المغني» (7/295).

تاريخ النشر : 23 فبراير, 2025
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend