أعرف معنى الطلاق ديانة وقضاءً ولكن ما أود معرفته: هل تحرم الزوجة على زوجها إذا وقع الطلاق قضاء ثلاث مرات ولكن لا يوجد أوراق رسمية بذلك؟ فأنا عندما أسأل مفتي يقول: وقع قضاء ولم يقع ديانةً كطلاق المخطئ مثلًا.
وهل الأتقى للزوجة أن تبقى مع زوجها بعد وقوع الطلاق قضاءً أم تُفارقه؟ مع العلم أن الأمر لم يصل للقضاء بل مجرَّد فتاوى شيوخ. وشكرًا لفضيلتكم وسعة صدركم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المقصود بالتفريق بين القضاء والديانة، هو التفريق بين أحكام الظاهر التي تُبنى على أساسها الأوراق الرسمية والتعاملات الظاهرة أمامَ القضاء وفي الدواوين الرسمية ونحوه، وبين أحكام الدِّيانة في علاقة العبد بربه.
فمن طلَّق زوجته على الورق ثلاث مرات لا يستطيعُ أن يرجِع إليها بعقدٍ رسمي حتى تنكح زوجًا غيره(1)، فإن تخلفت عن هذه الطلقات جميعها أو بعضها نيةُ الطلاق، جاز للزوج ديانةً رجعتها في مدة العدة، وجاز لهما ديانةً استئنافُ حياةٍ زوجية بعقد جديد إن كانت قد خرجت من العدة، ولكنهما لا يستطيعان إثباتَ ذلك في أوراق رسمية.
أرجو أن تكون المسألة قد اتضحت من خلال هذا المثال، فإن كان الزوج لم ينو بما كتبه الطلاقَ فيُعتبر كالعدم، ويجوز للزوجة أن تبقى معه في بيت الزوجية، وتتفق مع زوجها على كيفية تأمين حقوقها الشرعية إذا فرَّق بينهما هازم اللذات ومفرق الجماعات. والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) قال تعالى :{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 229، 230]