قرأت من قبلُ في إحدى المواقع أنه إذا تلفظ المتزوج بأي لفظٍ سواءٌ كان صريحًا أو كنايةً أو حتى إذا كان لفظًا غير دالٍّ على الفرقة، وكان ينوي الطلاق، فيقع الطلاق. وهذا الموضوع يُسبب لي مشكلةً ولا أعلم حلها. فأنا الآن أخافُ من معظم الكلام الذي أتكلمه سواء كان مع زوجتي أو أصدقائي أو عند قراءة القرآن أو عند الدعاء.
ففي بعض الأحيان وأنا أقرأ آيات تدلُّ على الفرقة أجد زوجتي تحضر في ذهني غصبًا عني، وذلك على الرغم من مقاومتي لذلك، وعندما أدعي بعضَ الأدعية.
ومن كثرة خوفي من استحضار أي شيء يخصُّ زوجتي إلى ذهني أجدها تحضر إلى ذهني غصبًا عني.
فهل حضور مثل هذه الأفكار إلى ذهن الشخص عند قراءة بعض آيات القرآن، أو حضور ما يخصُّ الفرقة أو البعد عن الزوجة إلى ذهن الشخص عند ترديدِ بعض الأدعية والأذكار، بالرغم من مقاومة الشخص لذلك، هل من الممكن أن تُوقِع الطلاقَ؟
وأرجو أن تُوجِّهني؛ حيث إنني أصبحت أخشى ترديدَ بعضِ الأذكار بعد أن كانت أحبَّ الأشياء إلى قلبي.
وهل يا دكتور لو شخص قال لفظًا لا يحتمل الطلاقَ أصلًا، ولكنه نوى الطلاق يقع طلاقه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فليس كلُّ لفظ يصلح لأن يكون من كنايات الطلاق، بل لابد أن يكون مما يدلُّ على الفرقة ويؤدي معناها.
قال ابن قدامة في «المغني» عاطفًا على ما يقع به الطلاق مع نيته من الكنايات: «وسائر ما يدلُّ على الفرقة ويؤدي معنى الطلاق»(1).
وقال صاحب «مغني المحتاج» وهو من فقهاء الشافعية: «إذ ضابطُ الكناية كلُّ لفظ له إشعارٌ قريب بالفراق ولم يشِعِ استعمالُه فيه شرعًا ولا عرفًا كسافري»(2).
ومجرد تخيُّل الطلاق عند قراءة آية أو قراءة حديث نبوي لا يُؤدي إلى وقوع الطلاق، فإن الطلاقَ لا يقع بالتخيُّلات ولا بالوساوس، بل باللفظ الذي يدلُّ على الفرقة، مع وجود نيَّةٍ جازمة للطلاق بغير تردُّدٍ.
فهوِّن على نفسك يا بني، ولا تستطرد مع هذه الوساوس، بل اقطع مبادئها، وتجاهلها، ولا تلتفت إليها، حتى لا تُبغِّض إلى نفسك عبادةَ ربك.
ووصيتي لك يا بني أن لا تُكثر القفزَ بين المواقع التي تتحدث عن الطلاق، فإن هذا مما يُورث أمثالك الحيرةَ والتشتُّت، ولكن اختر لنفسك من تثقُ في دينه وعلمه، وارفع إليه مسألتك، واتبع فتواه، فهذا أسلمُ لقلبك، وأصلح لحالك، وأجمع لهمتك على عبادة ربك، بعيدًا عن التشويش.
وقانَا والله وإياك السوءَ، وحفظنا وإياك من كل مكروه. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) «المغني» (7/392-395).
(2) «مغني المحتاج» (4/459-460).