علم ماضيها قبل إسلامها فطلقها ثلاثًا ولكن يخشى عليها من الضياع، فهل من عودة؟


قصتي هي أنني كنت في بلد أجنبي للدراسة وأنتم تعرفون كيف يعيش المجتمع الغربي. ارتكبت الفواحش من شرب خمر وزنى وأفطرت شهر رمضان وارتكبت الزنى في شهر رمضان. وأخطائي كانت كثيرة.
والحمد لله الذي هداني للتوبة التي نورت لي حياتي ونقلتني من الظلمات إلى النور.
توبتي كانت في شهر رمضان وكانت تسكن معي فتاة أجنبية ديانتها المسيحية، وعندما رأتني هذه الفتاة تائبًا أقرأ القرآن وأصلي وأصوم، بدأت في الاقتراب إلى الإسلام، وفي العاشر من رمضان أسلمت هذه الفتاة وارتدت اللباس الشرعي والحجاب، وبدأت تتعلم القرآن وتصلي الفرض والسنة وتصوم، ودرست السيرة النبوية والكثير من الدروس في الإسلام، ثم تزوجتها في أول يوم أشهرت فيه إسلامها وعشنا أجمل أيام حياتنا.
وذات يوم عرفت حقيقة مُرة غيرت مسار حياتي وأصبحت دائم الهم والحزن. عرفت تاريخ هذه الفتاة وكان تاريخها كتاريخ أية فتاة أجنبية (الحرية في كل شيء) ولكن لكونها أصبحت زوجتي ولكوني عربيًّا لا أستطيع نسيان الماضي.
هي خانتني ولكن قبل أن تسلم، وأنا خنت ديني وربي وابتعدت عن الإسلام وأنا مسلم منذ ولدتني أمي. هي لم تكن تعرف شيئًا عن الإسلام وأنا كنت أعرف الكثير عن الإسلام. هي أفضل مني بكثير أليس كذلك؟ والإسلام يجُبُّ ما قبله والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له.
ولكن عندما عرفت حقيقة الماضي انفعلت وغضبت جدًّا وطلقتها مرة، وبعد يومين انفعلت وضربتها وغضبت جدًّا وطلقتها الثانية. وكثرت المشاكل بيننا وكثر غضبي وأنا عندما أغضب أصبح كالمجنون لا أفكر ولا أفهم. وفي المرتين راجعتها.
وبعد مرور عدة أيام حدثت بيننا مشاحنة وصلت إلى الضرب وطلقتها الثالثة، وبعد كل المرات التي حصل فيها الطلاق كنت أندم وأبكي لأن هذه الفتاة بعد إسلامها أصبحت صالحة جدًّا، وكنت أخاف عليها من الضياع. ولكن الغضب والشيطان جعلوني أرتكب الأخطاء.
وبعد طلاق المرة الثالثة صليت ركعتين ودعوت الله تعالى إذا وقع الطلاق أن ابتعد عنها، وإن لم يقع أن أراجعها بأسرع وقت. وهذا الذي حدث؛ راجعتها في تلك الليلة. وأنا قرأت أن طلاق الغضبان لا يقع.
وعندما تخرجت رجعت إلى بلدي وكنت وعدتها أن أفاتح أهلي في الموضوع لكي تلحق بي. ولكن هنا الوضع مختلف وأهلي لم يقبلوا بزواجي، وبدأت أسئلتهم لي: من هي؟ هل كانت بكرًا قبل أن تتزوجها؟ قلت: نعم. وهي لم تكن كذلك.
أنا تزوجتها لأنها أسلمت وأحسنت إسلامها، وتزوجتها لإرضاء الله تعالى ولكي أكفر عن ذنبي. وهي الآن بانتظار دعوتي لها إلى بلدي. أهلي رافضون وأنا أريد أن تلحق بي لكيلا تضيع هناك. وهي إنسانة رائعة الأخلاق وخصوصًا بعد إسلامها أصبحت المرأة الأولى الملتزمة بالدين الإسلامي في نظري.
أنا الآن أتعذب جدًّا عندما أتذكر تاريخها وتاريخي، ولكن أقول في نفسي: إن هذه الفتاة بعثها الله لي كفارة لي، ونحن نعلم: كما تدين تُدان.
– هل الطلاق وقع؟ وإذا وقع هل يحق لي إرجاعها للحفاظ عليها من الضياع والوحدة في البلاد الفاسقة؟
– ماذا أفعل مع أهلي؟ هم يريدون أن أطلقها، وإذا طلقتها لإرضائهم هل هذا حرام؟
– هل الزنى دَيْنٌ في رقبتي وسيأتي يوم أدفع ثمنَه؟
– كيف لي أن أنسى الماضي وأعيش معها كزوجين مسلمين؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
هدانا الله وإياك إلى الحق، ووقانا وإياك شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، أما محاسبتك لها على ما مضى فهو من الشيطان وإغوائه وتلبيسه، فلقد علمت أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، وكَذَٰلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا [النساء: 94] وقد قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان: 70] فتُب إلى الله من ذلك ولا تعد إليه.
وأما الطلاق فإن كان سُنيًّا، أي في طهر لم تمسسها فيه فهو الطلاق الذي يعتد به في عدد الطلقات، وإن كان بدعيًّا فهو لغو ولا يحتسب، وكذلك طلاق الغضبان الذي أُغلق عليه بسبب الغضب فلم يعد يعي ما يقول ولا يقصده فإنه لا يحتسب عليه، والمرء أمين على دينه.
ولا تستجب لمن يأمرك بطلاقها بغير جريرة سواء من أهلك أو من غيرهم، وقد قال تعالى: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا [النساء: 34]، ومن البغي عليها تطليقها بغير جريرة.
أما كون الزنى دَيْنًا فهذا حق، ولكن التائب من الذنب إذا حسنت توبته فهو كمن لا ذنب له، واذكر دائمًا أن الله وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى: 25].
أما نسيانك للماضي فإنه يكون بقليل من التدبر والتعقل، ألم تك من قبل كذلك فمن الله عليك؟! ألم يك كثير من خيار الصحابة قبل إسلامهم كفارًا وقتلة فمَنَّ الله عليهم، وأصبحوا من خير من مشى على الأرض؟!
لا تستسلم لهواجس السوء واشغل نفسك بذكر الله وابحث لك عن رفقة صالحة تذكرك إذا نسيت وتعينك إذا ذكرت.
والله من وراء القصد. وهو تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend