أنا متزوج منذ سنة ولي ابنة، حدثت مشاجرات عديدة بيني وبين زوجتي، خاصة أثناء حملها، وكانت تترك البيت كثيرًا وتذهب لبيت أهلها، وكان هذا يضايقني وترتب على ذلك أن ألقيت عليها أول يمين للطلاق وهي في الشهر السابع أثناء الحمل، وكان السبب الرئيسي أنها تطلب الطلاق مني كل يوم تقريبًا وتقول أنها تُبغضني، وأنها لا تُطيق رؤية وجهي وهكذا.
فطلقتها ثم أرجعتها قبل أن تلد، ومنذ أسبوعين اتصلَتْ بها صديقة لها وقالت أنني أحدثها عبر الهاتف وفي وقت متأخر، وذلك سبَّب لها مشاكل، وأيقنت زوجتي من كلام صديقتها أنني أحبها وأريد أن أتزوجها، وواجهتني بذلك ولم أستطع الرد، فما كان منها سوى أن طلبت أهلي ليأتوا للبيت وقالت لهم: ابنكم يخونني.
فظن أهلي أنني أفعل الزنى والعياذ بالله في الشقة، فأتوا بسرعة إليها، فقالت لهم ما حدث وتركت البيت وذهبت لبيت أهلها دون أدنى مراعاة لأهلي، فواجهوني واعترفت وقلت: إنني مخطئ في الحديث، ولكنني وأقسم بالله لم أطلب من صديقتها ولا الحب ولا الزواج ولم أقل لها يومًا لفظًا واحدًا يخدش الحياء، بل كل ما كنت أسعى إليه أن أشكو لصديقتها من معاملتها السيئة لكي تنصحها، فظنَّت الأخرى أني أُحبها.
وبعد يومين من غضبها عند أهلها أرسلت لي رسالة تقول فيها أفظع كلام لا يتحمله الرجل من شتائم وإهانات فظيعة تهين الرجل في عرضه وكرامته، فما كان مني إلا أن انهرت واتصلت بها وشتمتها أيضًا وسبَبْتُ أهلها، فاستشاطوا غضبًا فقلت لهم: إنها هي التي بدأت. واعتذرتُ لهم.
فذهبتُ لأخذها مع بعض الناس الذين تبرَّعوا أن يوفِّقوا فيما بيننا فقابلتني أسوأ مقابلة، وطلبت مني أن أُطلِّقها مرارًا وتكرارًا وقالت أيضًا ما لا يتحمله أصبرُ رجل على نفسه دون مراعاة لأي شيء، والآن أقول لنفسي: لو صبرت على أذاها وتحملت كل تلك الإهانات والشتائم فسوف يحسب لك الله ذلك في أجرك، ولكن لا أستطيع أن أتحمل العيش معها بعد ذلك بعد أن انهارت كرامتي ولا زالت تنهار تحت وطأة كلماتها اللاذعة والجارحة وعدم رغبتها في الرجوع إلى البيت.
فماذا أفعل؟ أصبر من أجل بيتي وابنتي وأتحمل سلاطة لسانها؟ أم أطلقها وأسرحها بالمعروف وأتقي شرها وشر لسانها؟ مع العلم أنها مهملة في بيتها وفي نفسها، وعلاقتها بأهلي سيئة للغاية، وتقول أنها تكرهني جدًّا، ولا تريد أن تذهب لأهلي كي يروا ابنتي أو تجلس معهم أو تتصل بهم.
أرجو ردكم فضيلة الشيخ. ولكم جزيل الشكر والثواب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن للحياة الزوجية طريقين لا ثالث لهما: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ومن عجز عن الإمساك بالمعروف فأمامه الخيار الآخر الذي لا ينبغي لعاقل أن يلجأ إليه إلا إذا تقطعت الأسباب وغُلِّقت الأبواب، وتعين طريقًا للخروج من محرقة الخلافات.
وفي خصوص حالتك لعل شؤم اتصالك بهذه المرأة وتبسُّطك معها في الحديث كان وراء بعض ما حدث، فإنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يُكشف إلا بتوبة(1)، والذي أراه أن تصبر على نشوز زوجتك وسلاطة لسانها، وأن تُصلح ما فسد من علاقتك بربك ليصلح الله لك ما فسد من علاقتك بأهلك؛ { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد: 11] رحمةً بولدك وصيانة لبيتك، واستبقاءً لأهلك، وأن تبدأ مع زوجتك في برنامج تعليمي دعوي تكونان معه إلى الله أقرب، ومع كتابه وشريعته أوصل وأوثق، ثم انظر بعد ذلك ما الله فاعل بك، ولكلِّ حادثٍ بعد ذلك حديث. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه الدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (1/124) حديث (727) من قول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه .