تزوجت من إحدى قريباتي، أنا لم أكن أرغب في الزواج بها، لكن لحسبها ونسبها كان أبي يرغب في أن أتزوجها، وكان لابد أن أُرضي أبي حتى يُطيعني في عودة أمي إلى البيت هي وإخوتي، فأبي وأمي على خلاف لأكثر من 6 سنوات.
وفعلًا أطعتُ أبي فأطاعني وأعاد أمي بمساعدة والد تلك التي لم أكن أرغب في الزواج بها، فإنها من نفس عائلتي.
وعند الزواج قررت أن أكون مخلصًا لها، وألا أفعل ما كان يفعله أبي مع أمي من شدة وغلظة قلبٍ عليها وعلى إخوتي.
وفعلًا عاملتها بكل رفق ولين، حتى إنها كانت تحبني بشدة، وكنت كلما أغواني الشيطان أني قد ظلمت نفسي، وأني أستحق أجمل منها وأفضل منها، كنت أستعيذ بالله وأقبلها وأقبل حتى يدها ورأسها، حتى إنها كانت تعجب لما أفعله من تقبيل رأسها ويدها.
ولكن بعد أسبوعين تقريبًا من الزواج الذي استغرق بالضبط 20 يومَ خطبةٍ و81 يومَ زواج لاحظتُ بعد أسبوعين أنها تفعل أشياء غريبة، فهي تلتزم بأوراد معينة، مثلًا: سورة الإخلاص عشرة آلاف مرة كل يوم، البسملة ألف مرة بعد كل صلاة. وأشياء من هذا القبيل.
وتقول بأن معها خُدَّامًا من سورة الإخلاص، وأنها لا تأكل اللحم والفاكهة؛ لأنها أكلت من هذا الجِنَّةُ.
فأنا لا أعلم شيئًا عن هذا، ولكن خمنت بأن تكون صوفية، فبعد أن اطَّلعت على بعض الكتب على الإنترنت وعلمت بأنها متصوفة على حد علمي تصوفًا شركيًّا، فهي تقول بأنها تأمل في تعلم العِلم اللَّدُني، وأن الرياح تأتي لأن فتاتي الرياح غضبتا لغضبها.
وعلى ذلك كثير، فلم أستطع الصبر، ليس خوفًا، فأنا كنت أعاندها وأقول لها افعلي ذلك فيَّ. فكانت تقول: «لا تِتْئذي». فكنت أقول لها: لا شأن لكي، افعلي بي. كانت ترفض وتدعي الخوف من أن يصيبني مكروه.
وهذا إلى جانب ما أعانيه من أمور دنيوية، فهي كسولة جدًّا، ومهملة جدًّا.
فهل يعقل أن من يأكل من الجنة من لا يواظب على إقامة الصلاة؟! وهل يعقل أنها تُقصر في بعض الصلوات؟!
لقد تعبت من ذلك، فعزمت إلى إما أن أطلقها وإما أن ترجع عما هي عليه أمام مجمع من المشايخ.
فقالوا: إنهم يعتقدون في هذه التخاريف الصواب. فطلقتها، وأعطيتها حقها كاملًا.
لكن يا شيخ، أنا أريد أن أعرف:
أولًا: المصيبة أنها حامل؟
ثانيًا: هل هذا شرك كما فهمت، أم ماذا بالضبط؟ وهل ما عملتُه صواب أم خطأ؟ في حين أني خسرتُ كثيرًا جدًّا من مالٍ وتعب؛ فقد قيل علي ما قيل من أني ضربتها وعذَّبتها، وغير ذلك من الافتراء، ولكن الشيخ الذي يعرف الحقيقة والذي نصحني بالطلاق قال: اصبر واحتسب؟
وثالثًا: يا شيخ، من حينٍ لآخر أشعر بأني أرغب في عودتها، مع أني لم أَجْنِ منها غير الشقاء، فهل أنا أحبها أم ماذا؟ فأنا أخشى مما تفعله أن تفعل لي شيئًا من الأعمال وغيرها من السحر والشعوذة، فأنا تعبت من التفكير من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى على الجنين البريء.
ماذا أفعل: أُطيع من يريدونني أن أردها، أم آخذ المولود ولا أردها؟
علمًا بأنني طلقتها طلاقًا نهائيًّا عند مأذون، واتفقنا على أن أُعطِيها كل ما تريد مقابل الجنين مع اعتراض كل أقاربي، ولما أعطيتها كل شيء ندمَتْ، وتتمنى الرجوع إليَّ. فماذا أفعل؟
وإذا لم أرجعها ماذا أفعل؟ حتى لا تجعلني أُلعوبة بيدها بما تفعله هي ومن معها من أهلها من الشعوذة.
فما أقوله لحضراتكم لا يعلمه إلا الله والقليل القليل، فأنا كتمت هذا السر حتى لا أتسبب في مشاكل أكبر لي أو مشاكل للبنات أقاربها وأخواتها، فان علم بذلك أحد فلن يتزوجن أبدًا. وقلت لأمي وإخوتي بأنها أتعبتني في المعاملة، وأنها غير متفاهمة وغير متعاونة.
قل لي بالله عليك: ماذا أعمل؟
علمًا بأن أكثر من فتاة قد طلبت مني أو من والدتي بطريقة أو بأخرى أن أتزوجها، ولكن كنت أرفض؛ لأني قررت الزواج من هذه لأُرضي أبي، فبعد أن طلقتُها سألت عمن كانوا يريدونني زوجًا لهن، فرفضوا بالإجماع.
فأنا أخشى أن يكون هناك نوعًا من السحر يضرُّ بي، فقل لي: ماذا أفعل؟
سامحني على الإطالة. وجزاكم الله خيرًا كثيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فما نقلته يا بني عن قضيتك لا يكفي لتكوين موقف نهائي فيها، ولكن الحد الأدنى الذي يُمكن الجزم به أن مطلقتك تتعبد بعبادات بِدعيَّة كثيرة، وأن لديها من المحدثات والتشويش العقدي ما يحتاج إلى مناصحة ومعالجة جذرية.
لقد أحسنت النية في دخولك في هذا الزواج ابتداء، فأرجو ألا يضيعك الله عز و جل .
لعل الطلاق الذي أبرمه لك المأذون كان خلعًا، والخلع يُنهي عقدة الزواج ببينونة صغرى، فلا ترجع المطلقة بعده إلا بعقد جديد ومهر جديد.
والرأي عندي أن تصطفي من تثق فيه من أهل الديانة والفقه لتنثر له كنانتك، وتضع بين يديه تفاصيل الأمر برُمَّته، فربما سعى بينكما بالخير، فيسمع منها ويسمعها، وينصح لها وينصح لك؛ فإن كان في إرجاعها خيرًا يسَّر الله الأسباب وفتح له الأبواب، وآية ذلك أن ترجع عن غيِّها وأن تتوب من بِدَعِها، وإن كانت الأخرى فسيُبدلُكَ الله خيرًا منها، وسيتولى الله جنينَك، فإن الذي تكفَّل به في بطن أمه داخل ظلمات ثلاث سيتكفل به بعد خروجه من بطنها إلى هذه الحياة، وإن مع العسر يسرًا يا بني، فلا تبتئس؛ فإن لله في خلقه ألطافًا خفية، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2، 3].
أما خَشيتُك أن يكون رفضُ من تقدمت للزواج منهن نتيجةً لسحر أو نحوه فذلك ليس بالضرورة, ولكن جرت عادة الناس إذا وقفوا على شيء من التفاصيل في بعض المنازعات وكان ظاهرها مشوشًا أن يبتعدوا عن دائرتها، وأن يأخذوا بمبدأ الاحتياط، وأيًّا كان الأمر فتعوَّذ بالله عز و جل ، واقرأ آيةَ الكرسي في الصباح وفي المساء، وإن استطعت أن تتصبح كل يومٍ بسبع تمرات عجوة فافعل فإنه لا يضرك في هذا اليوم سحرٌ ولا سُمٌّ إن شاء الله(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الأطعمة» باب «العجوة» حديث (5445)، ومسلم في كتاب «الأشربة» باب «فضل تمر المدينة» حديث (2047) من حديث عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَـمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ».
وأخرج مسلم في كتاب «الأشربة» باب «فضل تمر المدينة» حديث (2047) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمَّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ حَتَّى يُمْسِيَ».