كنت أقرأ اليوم على شبكة الإنترنت قصةً واقعية لشخص كان يحكي مواقف حدثت له، وفي سياق الكلام كان يكتب جملة: «خلوني طلقت زوجتي» فخفت أن يكون قد وقع الطلاقُ لقراءتي هذه الجملة، ولكني تذكرت أنَّ قراءة ألفاظ الطلاق لايقع بها الطلاق. ولكني ما زلت قلقًا للغاية، فقلت لنفسي ورددت هذه الجملة: «بس لو شخص قال طلقت زوجتي يقع بها الطلاق» وأثناء ترديدي هذه الجملة وعند كلمة «طلقت زوجتي» تخيلت أنني أنا الشخص الذي يقول هذه الكلمة، وجاءت زوجتي في مخيلتي.
فهل يُعتبر ذلك طلاقًا يا دكتور؟ مع العلم أني لا أرغب إطلاقًا في الطلاق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يقع الطلاق يا بنيَّ بمثل هذه التوهُّمات والوساوس والخطرات؛ فالطلاق لا يقعُ بحديث النفس، ولا بحكاية قصص الطلاق عن آخرين، ولا يتجدد بحكاية الطلاق الذي وقع فيه الشخص فيما مضى، فالله أرحم بعباده مما تتصور(1)، و{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، و{ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } [النساء: 28].
فلا تستطرد مع هذه الوساوس حتى لا تتمكنَ منك فلا تستطيعَ دفعها. اقطع مبادئها، وأعرض عنها، ولا تلتفت إليها، ولا تُلق لها بالًا ولا تُقِم لها وزنًا. حفظك الله من كلِّ سوء ودفع عنك كلَّ مكروه. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «رحمة الولد وتقبيله ومعانقته» حديث (5999)، ومسلم في كتاب «التوبة» باب «في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه» حديث (2754)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبيٍ؛ فإذا امرأة من السبي تبتغي إذا وجدت صبيًّا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قلنا: لا والله؛ وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للَّـهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا».