ما حقوق المطلقة من حيث النفقة والمتعة؟ وما معايير تحديد المبلغ المالي عن كل شهر سواء كان نفقة أو متعة؟ وهل هذه الحقوق تختلف باختلاف المدة التي ظَلَّا فيها زوجين؟وفي حالة وجود خلاف في هذا الأمر وكل طرف يتمسك برأي فقهي فما الواجب فعله في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن للمطلقة حقوقًا على مطلقها تتمثل في مؤخَّر صداقها ونفقة عدتها، وأجرة حضانتها إن كانت حاضنة لأولاده، ثم لها بعد ذلك المتعة التي اختلف أهل العلم في وجوبها أو استحبابها، بعد اتفاقهم على وجوبها على من طلقها زوجها قبل الدخول ولم يكن قد فرض لها مهرًا، وقد تفاوتت تقديرات أهل العلم للمتعة: فمنهم من ذهب إلى أن أدناها كسوة وأعلاها خادم، ومنهم من قال: إنها ثلاثة أثواب. ومنهم من قال: إنها ثلاثون درهمًا. وتتفاوت تشريعات الأحوال الشخصية المعاصرة في تقديرها، ويقدرها القانون المصري على سبيل المثال بنفقة سنتين على الأقل؛ حيث قد ورد في نصه أن [للزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من قِبلها، تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل، وبمراعاة حال المطلق يسرًا وعسرًا، وظروف الطلاق ومدة الزوجية، ويجوز أن يُرخَّص للمطلق في سداد هذه المتعة على أقساط].
وفلسفة المتعة أنها جبر لخاطر المرأة المنكسر بالطلاق، فهي تحمل معنى التعويض النفسي للمطلقة عما أصابها من آلام نفسية ومعنوية بسبب الطلاق، ولهذا فإن بعض التشريعات الأخرى التي تَبَنَّتْ فكرة التعويض عن الطلاق لم تتبن المتعة على هذا النحو، فكأن جل التشريعات المعاصرة قد تبنت معنى التعويض النفسي للمطلقة عما أصابها بسبب الطلاق، لكن بعض هذه التشريعات توصل إلى ذلك باسم المتعة، وتوصل إليه آخرون باسم التعويض عن الطلاق.
بقيت نقطة أخيرة، وهي أن حكم المحكمة يرفع الخلاف، فإذا احتكم الخصوم إلى جهة من الجهات وارتضوا تحكيمها فيجب عليهم أن يصدروا عن حكمها، وأن يقبلوا باختيارها وترجيحها، ولا بديل من ذلك إلا تكريس الفوضى والمنازعات. والله تعالى أعلى وأعلم.