لقد حدث شجار، وقال الزوج في خلاله: «أنت شكلك لازم تترمي عند أهلك مطلقة» أو «أنت واحدة أحسن لها تترمي عند أهلها مطلقة حتى تتربى».
المهم أن الزوج نطق بصيغة المضارع ولم يقصد التنجيز، لا بالقول ولا بالنية، وإنما يريد التهديد بأنه بهذا الوضع، وكأنها ستجني على نفسها بأنها تُرمَى عند أهلها وتصبح عندهم مطلقة، أي أنه يحذرها ويخوفها ويلفت نظرها من عواقب الطلاق والمطلقة.
ما الحكم؟ وهل هناك اختلاف بين العلماء في الحكم على هذا القول؟
استغفر اللهَ وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الظاهر أنه لا يقع طلاق بهذه العبارة التي لم يُنشئ بها الطلاق ولم ينجزه، وإنما ألمح بها إلى تهديدها وزجرها.
ونُذكِّر السائل بأن الزوجة وصية رسول الله عند زوجها(1)؛ فليتق الله فيها، وأن النبي ﷺ يقول: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»(2)، وهو القائل: «لَا يَفْركُ(3) مُؤْمنٌ مُؤمِنَةٌ، إِنْ كَرِهَ مِنهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنهَا آخَرَ»(4). والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «الوصاة بالنساء» حديث (5186)، ومسلم في كتاب «الرضاع» باب «الوصية بالنساء» حديث (1468)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ؛ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا».
وأخرج الترمذي في كتاب «الرضاع» باب «ما جاء في حق المرأة على زوجها» حديث (1163)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «حق المرأة على الزوج» حديث (1851)، من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه : أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله ﷺ، فحمد الله وأثنى عليه وذكَّر ووعظ ثم قال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ؛ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْـمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، إِنَّ لَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوَطِّئَنَّ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِـمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ»، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
وأخرج أحمد في «مسنده» (2/439) حديث (9664)، وابن ماجه في كتاب «الأدب» باب «حق اليتيم» حديث (3678) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْـمَرْأَةِ».وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/103) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».
(2)أخرجه الترمذي في كتاب «المناقب» باب «فضل أزواج النبي ﷺ» حديث (3895)، وابن حبان في «صحيحه» (9/484) حديث (4177)، من حديث عائشة، وقال الترمذي: «حسن غريب صحيح»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (285).
(3) أي: يبغض
(4) أخرجه مسلم في كتاب «الرضاع» باب «الوصية بالنساء» حديث (1469) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .