أنا مَن رفعت دعوة الطَّلاق لكوني لحقتني أضرارٌ كثيرة بسبب زوجي من إهمال نفسي وهَجرٍ، كونه يُقيم خارج بلد إقامتي وعدم نفقته عليَّ أو تفقُّد أحوالي أو زيارتي، وهذا منذ شهور، إلا أنني اكتشفت من خلال إمام المسجد أن زواجي منه كان باطلًا من أساسه لأنه كان شيعيًّا وأنا سُنِّيَّة، وخلال شهر رمضان سيخرج حكم القاضي المدني بطلاقي، علمًا بأنني أقيم بدولة بأمريكا الشَّماليَّة لكنني تعرَّفت على رجلٍ كان حنونًا معي ووقف إلى جانبي في مواقف صعبة وزارني وتعلَّقنا ببعضنا ونشأت بيننا شبه علاقةٍ، وقد حدث أن قبَّلني وضمَّني مع أن طلاقي المدني لم يخرج بعد، علمًا أن محاميتي قالت لي إنني مُطلَّقة، وإنها مسألةُ وقتٍ فقط، وعلمًا أن إمام المسجد أخبرني أنه بعد خروج الطَّلاق يجب عليَّ عقدٌ واحد يعني حيضة واحدة.
فما هو موقفي؟ صدِّقني شيخنا الوقور لا أعرف حتى السُّؤال الذي عليَّ طرحه، كل ما أعرفه أنني تعبت من إهمال زوجي وضرره الذي لحقني، وتعبت من وحدتي في بلاد الغربة، وكذلك أخشى إغضاب ربِّي. جزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الطَّلاقَ المدنيَّ لا يحلُّ العقدة الشَّرْعيَّة للطَّلاق، وإنما يحل عقدته القانونيَّة، ويبقى أن العقدة الشَّرْعيَّة لا يمكلها إلا الزَّوج أو القضاء الشَّرعيُّ، ويحلُّ محلَّ القضاء الشَّرعي المراكز الإسلاميَّة خارج ديار الإسلام، فإذا فرغت من الطَّلاق المدنيِّ فقدِّمي وثيقته إلى المسجد ليتولَّى مخاطبةَ الزَّوج لالتماس الطَّلاق منه، أو ليتولَّى تطليقَك منه إذا أمسكك ضرارًا، أو لم يعرف له مكانٌ ولا عنوان.
ونشوءُ علاقةٍ بينك وبين من تدخَّل لمساعدتك في هذه الظروف خيانةٌ لله ورسوله؛ فإن عِرضَك أمانةٌ عندك، سواءٌ أحضر الزَّوج أم غاب، وسواء أعدل الزَّوج أم جار، وأفحش مِن هذا أن يكونَ قد حدث بينكما تواعد على الزَّواج وأنت لا تزالين في العصمة، فتوبي إلى الله عز و جل ، فإنه من يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا(1)، واقطعي صلتك بهذا الرَّجُل في الوقت الرَّاهن، ولكلِّ حادثٍ حديثٌ في المستقبل. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110].