قرأت في موقع إسلام ويب سؤال رقم 110560 أنه جاء في «التجريد لنفع العبيد» للبجيرمي الشافعي: «لو قال لزوجته: تكوني طالقًا. هل تطلق أو لا؛ لاحتمال هذا اللفظ الحال والاستقبال؟ وهل هو صريح أو كناية؟ وإذا قلتم بعدم وقوعه في الحال فمتى يقع؟ هل بمضي لحظة أو لا يقع أصلا; لأن الوقت مبهم؟ والظاهر أن هذا اللفظ كناية، فإن أراد به وقوع الطلاق في الحال طلقت، أو التعليق احتاج إلى ذكر المعلَّق عليه، وإلا فهو وعد لا يقع به شيء. سم. ومحله إن لم يكن معلقًا على شيء، وإلا كقوله: إن دخلت الدار تكوني طالقًا. وقع عند وجود المعلق عليه»(1). انتهى.
من هنا أتوقع أن قولي: «والله راح تكون طالقًا»، أو «إلا أطلقك» بدافع التخويف لا يقع، فما رأيكم. مرة أخرى، هل ممكن أن آخذ بهذا الرأي؟ أنا أثق بكم.
رد (ما قاله زوجي)- س س س
قبل أن أبعث لكم جلست مع زوجي وسألته وتحدثنا، وحاولنا أن نتذكر، هو يقول: إنه لا يتذكر اللفظ تمامًا، هو يتذكر أنه قال: أنه عندما تلدين سأرسل لك ورقة الطلاق. وهو لا يريد الطلاق، ويقول: إني كل ما كنت أقصده التوعد ويقول عني إني موسوسة، ولكنه أيضًا لا يستطيع الجزم باللفظ، نحن في حيرة، فما هو وضعنا؟
رد ثان- س س س
أردت أن أضيف: نحن الاثنان أنا وزوجي لا نذكر اللفظ بالتحديد، فأي لفظ ممكن يخطر ببالنا نقول ممكن أنه صدر لكن دون الجزم بذلك، وكل ما نذكره أنها كانت بدافع التهديد، والله يا شيخ كنا جاهلين، فهل سيغفر الله لنا؟ أم هذا شيء خطير وليس له حل؟ وهل يقع الطلاق بهذا؟ علمًا بأننا لا نريده أبدًا ونخشى الله ونريد الحلال.
___________
(1) «البجيرمي على المنهج» (4/5-6).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن ما نقلته عن البجيرمي نافع ومفيد، ولكنك لم تنتبه إلى آخره عندما قال: ومحله إن لم يكن معلقًا على شيء، وإلا كقوله: إن دخلت الدار تكوني طالقًا وقع عند وجود المعلق عليه. انتهى. وما صدر منك كان معلَّقًا على الولادة فلا تنتفع بأول كلامه.
وعلى كل حال، فإن الذي يظهر لي أنه مع هذا التردد وعدم الجزم لا يقع الطلاق؛ لأن العصمة ثابتة بيقين فلا تزول إلا بيقين، والقدر المستيقن به كان وعدًا بالطلاق ولم يكن طلاقًا ناجزًا، وحيث لم يقع منكما يقين بغير ذلك، رغم اجتهادكما في التذكر، ومراجعة كل منكما للآخر فإنه يستصحب القدر المستيقن به وهو وعد بالطلاق، ولا يقع به الطلاق إلا إذا نفذته وطلقت بالفعل، فلا تقع هذه الطلقة، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم(1)، ولا يستخفنكم الشيطان، وأسأل الله أن يردكما إليه ردًّا جميلًا، وأن يكشف عنكما السوء. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________
(1) ﴿ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 1].