كان صديقي مُتزوِّجًا من امرأة في الولاياتِ المُتحِدة، وكلاهُما مُسلمان، وحصل شجار بسيط، وعند عودته مِن العمل لم يجدها في البيت، اتصلت به مِن بيتِ أبيها وقالت له أنها لن تعود.
بعد محاولاتٍ شتَّى للصُّلحِ بينهما رفضت مُحاولات عالمٍ جليل مِن خريجي الأزهر للحَلِّ، وقرَّرت هي الذَّهاب إلى المحكمة، فقامت المحكمة- بعدما صرف الجانبان ما يُقارِب العشرين ألف دولار- بالفصل بينهما وإعطاء الأب بعضَ الوقت لكي يرى ابنَه، ولكنه رفض أن يُعطيها حقوق الطَّلاق الشَّرْعيَّ لأنه يعتبرُ هذا خُلعًا.
وفي النهاية قالت لها القاضية بحل مُشكِلتِها أمام إمامٍ مُسلِم، وألا تُضيع وقت المحكمة، قال الزَّوْج أنه سوف يُطلِّق في حالة استرداد المهر الذي دفعه لها، والعهد منها بأن يعود إليه ابنه في حالة زواجِها أو في حالة بلوغه سن الثامنة.
أفيدونا جزاكم اللهُ خَيْرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فينبغي أن يُحالَ الأمرُ إلى بعض أهل العِلْمِ من المجاورين للطرفين للتعرُّف على أحوالهما عن كثب والحكم بينهما بما أنزل الله، فإن كان تقديرُ الزَّوْج دقيقًا وكانت الحالة خلعًا وليست تطليقًا للضرر فموقفه صحيحٌ في الجملة، فالـمُخالِعة تردُّ إلى زوجها ما بذله لها من مهرٍ؛ لقول النَّبيِّ ﷺ لزوجة ثابت بن قيس: ««أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟»».
واشتراطه أن يرجع إليه ابنُه إذا تزوَّجت اشتراطٌ صحيح؛ لقول النَّبيِّ ﷺ: ««أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»»(1).
واشتراطه أن يرجع إليه ابنُه إذا بلغ الثامنة يمكن أن يُعتبر كذلك، فقد قال باسترداد الأب الـمُطلِّق لولده إذا بلغ السابعة جمعٌ من الأئمة.
تبقَّى أن القضيَّة الأصلية هي تقويم الموقف من قِبَل بعض المُنصفين لتقدير دعوى الزوج، ثم محاولة الوصول بالطرفين إلى كلمةٍ سواء، وكم أسفت لقول القاضية لهما: لا تُضيعوا وقتَ المحكمة وابتغوا حلًّا لمشكلتكما لدى إمامٍ مسلم. فقد كان لكلٍّ منهما في هذه الكلمة مُزدجَرٌ، ولكن العناد يُورث الكفر. نسأل الله لنا ولهما العافية، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/182) حديث (6707)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «من أحق بالولد» حديث (2276)، والحاكم في «مستدركه» (2/225) حديث (2830)، من حديث عبد الله بن عمر ب، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه».