صديقتي زوجها يتحدث بألفاظ كنايات الطلاق كثيرًا، وفي مرة قال لها: «إذا حدث ذلك الأمر لا تكوني امرأتي ولا أعرفك». وسألتني فقلت لها: اسألي زوجك؛ لأن هذا من كنايات الطلاق، فسألته فقال لها: «أنا عندما تلفظت لم أكن أعرف ما نيتي، ولم يأتِ ببالي شيء معين، ولم تأتِ ببالي فكرة الطلاق، لكن بعد أن أنهيت العبارة جاءت ببالي فكرة الطلاق والتصميم على الطلاق، وقلتُ بنفسي: تكوني طالقًا بعد أن أنهيت العبارة». هل يقع الطلاق بذلك لأنه عندما تلفظ لا يعرف نيته وشاكٌّ بنيته لكن بعد التلفظ كانت نيته وقوع الطلاق؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فالظاهر أن هذا طلاق كنائيٌّ معلَّق، يقع عند وقوع المعلق عليه عند جماهير أهل العلم(1).
وكونه قد ألحق النيَّة مباشرةً بالتلفُّظ، فإن هذا يقوم مقام النية المقارنة؛ لأن مجاور الشيء يأخذ حكمه. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) ##. جاء في «المبسوط للسرخسي» (8/ 136) من كتب الحنفية « الطلاق المعلق بالشرط يجعل عند وجود الشرط كالمنجز».
وجاء في «نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج» (6/ 425) من كتب الشافعية « (قوله: وإن كان) أي الطلاق (قوله: كلست بزوجتي) ومثله ما لو قال إن فعلت كذا فلست بزوجتي، أو إن فعلت كذا ما أنت لي بزوجة أو ما تكونين لي بزوجة، أو إن شكاني أخي لست لي بزوجة أو فما تصلحين لي زوجة، أو إن فعلت كذا ما عاد زوج بنتي يكون زوجا لها أو ما عدت تكونين لي بزوجة، فإن نوى في ذلك كله الطلاق وقع عند وجود المعلق عليه وإلا فلا اهـ».
وجاء في «شرح مختصر خليل للخرشي » (3/ 196) من كتب المالكية « فإن علق طلاقها أو طلاق من يتزوجها عليها على التزويج أو طلاقها أو عتق من يتسرى بها عليها على وقوع ذلك منه وقع ما علقه عند وقوع المعلق عليه ».
وجاء في «المغني لابن قدامة» (7/ 341) من كتب الحنابلة « فصل: وتعليق الطلاق على شرط العطية، أو الضمان، أو التمليك، لازم من جهة الزوج لزوما لا سبيل إلى دفعه؛ فإن الغالب فيها حكم التعليق المحض؛ بدليل صحة تعليقه على الشروط. ويقع الطلاق بوجود الشرط، سواء كانت العطية على الفور أو التراخي».