الطلاق الكنائي، وحكم الولاية لمن لا يصلي

تقول امرأة: إن زوجها طلقها قبل ثلاث وثلاثين سنة وقال لها بالعامية: (راكي في غرض روحك) أي أنك لست في رقبتي قد صرت حرة تفعلين ما تشائين، بعد هذه المقالة لم يلتفت هذا الرجل إلى عدتها ولم يقل: إني راجعتك، بل تابع عيشه معها وكأن شيئًا لم يكن.
مرت سنوات عديدة على هذه الواقعة، وذات يوم وبينما كان هذا الرجل مع صديق له في مقهى حدث أن غضب غضبًا شديدًا وقال: إن زوجتي عليَّ حرام. وعاد الرجل إلى زوجته ثانية دون مبالاة مثلما حصل في المرة الأولى وقد أنجبت منه بعدها اثنين من الولد.
السؤال:
1- ما حكم زواج هذه المرأة من هذا الرجل؟ مع العلم أنها كانت جاهلة ولم تتفطن لأمرها إلا أخيرًا.
2- هل يجوز أن يكون هذا الرجل وليًّا على ابنته في عقد القران؟ إذ إنه لا يصلي إطلاقًا ولا يزكي ماله، وتجدر الإشارة إلى أن المفتين في بلدنا كلهم أو جلهم لا يقولون بكفر تارك الصلاة، وقد اطلعت على كلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى يقول: لا يمكن الحكم بكفر هذا الشخص في مثل هذه الحال.
أفيدونا مأجورين جزاكم الله خيرًا.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أول ما نبدأ به هو ضرورة المبادرة إلى نصح هذا الرجل بإقامة الصلاة على الفور، وأن يبين له أنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ولا سهم في الإسلام لمن ترك الصلاة، و«إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ تَرْكَ الصَّلَاةِ»، وأن «الْعَهْد الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ».
أما عن علاقته بزوجته فكلمته الأولى هي من قبيل الطلاق الكنائي الذي يرجع فيه إلى نية القائل، وما دامت هذه الكلمة يراد بها الطلاق على النحو الذي شرحتها به فتكون قد حسبت عليه طلقة ولا يشترط في الرجعة التلفظ، بل كما تجوز بالقول تجوز بالفعل، ومن الفعل الجماع والعودة إلى ما كانت عليه حياتها قبل الطلاق.
وأما كلمته الثانية فهي موضع نظر بين أهل العلم، ولعل أقرب الأقوال إلى الصواب أنها تعد من قبيل الظهار الذي يوجب كفارة قبل المسيس، فإن تحريم الحلال يمين غير تحريم الزوجة، فإنه ظهار في أظهر أقوال أهل العلم، والكفارة هي عتق رقبة، والرقبة غير موجودة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسَّا، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، ونؤكد قبل المسيس.
ولهذا فإن عليه أن يعتزلها على الفور ثم يبادر إلى الكفارة ثم يرجع بعدها إلى ما كانت عليه حياتهما قبل ذلك.
أما بالنسبة لولايته على ابنته فيفرق بين من كان يصلي حينًا ويترك حينًا وبين من لم يسجد لله سجدة في حياته، أي يفرق بين الترك المطلق ومطلق الترك، فإن كان يصلي حينًا ويترك حينًا فهذا من الفسقة، ولا يحكم عليه بالردة في أرجح أقوال أهل العلم، وفي سقوط الولاية بالفسق نظر، ولعل أقرب الأقوال إلى الصواب عدم سقوطها بذلك لقيامها على الشفقة الطبيعية التي لا يخلو منها بر أو فاجر، ولكنه إذا أداه فسقه إلى عضلها أو إساءة الاختيار لها فتسقط عند ذلك وتتحول إلى أقرب الأولياء بعده من ذوي الديانة.
أما إن كان لم يسجد لله سجدة في حياته، وهو مصر على ذلك غير نادم ولا تائب فهذا الذي لا حظ له في الإسلام في أرجح أقوال أهل العلم، ولا ولاية لمثله على أحد من بناته ولا غيرهم. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend