فضيلة الدكتور صلاح الصاوي، مشايخنا الكرام، معلوم أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، أما إن ادَّعى الزوج أنه لم يقصد الفراقَ إنما قصد طالق من وثاق أو نحو ذلك يقع الطلاق قضاءً لا ديانة.
واﻷمر الذي أنا بصدده الآن: امرأة طلبت من زوجها الطلاق فقال لها: أنت طالق طالق طالق. وهي المرة الثالثة، فلما سألته عن قوله قال أنه لم يطلق، قلت: كيف وطلاقك صريح؟! قال: إنما قلت لها: أنت طارق طارق طارق. وهي تُقسم أنها سمعت منه لفظَ الطلاق صريحًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن كانت على يقين مما تقول، وكانت هذه هي الطلقة الثالثة، فلا يحل لها أن تقيم معه ولا أن تمكِّنه من نفسها، وإن عجزت عن إثبات هذا الطلاق لجأت إلى الخلع، وافتدت نفسها منه بما تستطيع.
جاء في «المغني» لابن قدامة: «فإذا طلق ثلاثًا وسمعت ذلك وأنكر أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين- لم يحل لها تمكينه من نفسها، وعليها أن تفرَّ منه ما استطاعت، وتمتنع منه إذا أرادها وتفتدي منه إن قدرت. قال أحمد: لا يسعها أن تُقيم معه. وقال أيضًا: تفتدي منه بما تقدر عليه, فإن أجبرت على ذلك فلا تزين له ولا تقربه وتهرب إن قدرت، وإن شهد عندها عدلان غير متهمين فلا تقيم معه، وهذا قول أكثر أهل العلم… إلى أن قال: لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرَّمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات»(1). انتهى.
ولكن عليها التثبُّت، وأن تقطع أنه قد نطق بالطلاق، وأنها لا تساورها في ذلك أدنى ريبة.
أما إذا ترددت، وكان الأمر عندها محتملًا، فالقولُ قول الزوج؛ لأنه صاحب العصمة، وهو متمسك بالأصل وهو استدامة النكاح. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) «المغني» (7/503).