أحقية الأموال المدفوعة للأطفال من قبل الحكومة الكيبيكية بعد انفصال الوالدين(1)

أحقية الأموال المدفوعة للأطفال من قبل الحكومة الكيبيكية بعد انفصال الوالدين(1)
أحقية الأموال المدفوعة للأطفال من قبل الحكومة الكيبيكية شرعًا موضع خلاف بين المشايخ في منتريال وبين آخرين في بلاد المسلمين؛ إذ لكل منهم فهمه للواقع وأدلته ووجهة نظره في هذه الأموال في حالة الطلاق، فنودُّ من فضيلتكم بيانَ رأيكم في الحالات الواردة أدناه بالأدلة وبتفصيل(مع ترجيح فضيلتكم)؛ إذ إننا بصدد إنشاءِ مركز لحلِّ المشاكل الأُسَرية والإصلاح بين الأزواج، وكثيرًا ما تُطرح هذه الأسئلة، وسيتم كذلك إرسال فتواكم إلى مشايخ منتريال الناشطين في مجال الإصلاح الأسري الذين يكنون لكم كامل الاحترام والتقدير.
تقوم الحكومة الكندية قي مقاطعة كيبيك بدفع مبلغ من المال سنويًّا عند ولادة كل طفل، من الولادة حتى سن الثامنة عشر؛ لتغطية بعض مصاريف الطفل من مأكل وملبس وحفاضات وحضانة، ويختلف هدا المبلغ حسب دخل الأسرة وعدد الأولاد في الأسرة.
قي القانون الكيبيكي: في حالة الطلاق أو الانفصال يتم إما دفع هذا المبلغ إلى الحاضن سواء كان الأب أو ألام وإما إلى الطرفين إذا اتفقا على المشاركة في الحضانة، كل حسب نسبة الأيام التي يكون حاضنًا فيها.
شرعا مِن حقِّ مَن هذا المبلغ؟ الأب،الأم، الأطفال؟
هناك عائلات تعتاش من هذا المبلغ؛ يكون مثلًا عاطلًا عن العمل، وعنده أربعة أو خمسة أولاد مما يوفر له دخلًا جيدًا، بالإضافة إلى المساعدة التي يأخذها من الدولة، وفي حالة الطلاق أو الانفصال من يجب أن يأخذ هذا المال شرعًا؟
في حال كان الأب معسرًا ولا دخل له، هل يُعتبر هذا المبلغ بمثابة النفقة الواجبة على الوالد؟ أم عليه واجب النفقة ولو بشيء يسير زيادة على المبلغ المخصص للأولاد من قبل الحكومة الكيبيكية؟
في حال كان الأب معسرًا وكانت الأم ميسورة (قد تكون تعمل أو لا تعمل)، هل يُعتبر هذا المبلغ بمثابة النفقة الواجبة على الوالد؟ أم عليه واجبُ النفقة ولو بما يستطيع زيادة على المبلغ المخصص للأولاد؟ (الولد أغنى من أبيه)
في حال كان الأب ميسورًا وكانت الأم ميسورةً هل يُعتبر هذا المبلغ من ضمن النفقة الواجبة على الوالد؟ أم عليه واجب النفقة كاملة وتكون هذه الأموال حقًّا للأولاد يستعملونها عندما يكبرون؟
بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم وزادنا وإياكم علمًا ورفعة في الدنيا والآخرة.

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذا المال يُدفع قانونًا لكفالة الأطفال، ويسلم لآبائهم باعتبار قيامهم عليهم وحضانتهم لهم، فالأصل أن هذا المال ملكٌ للولد، واستفادة الوالدين منه تبعًا وليس بالأصالة.
وقد اتفق أهل العلم على أن نفقة المحضون تكون في ماله إن كان له مال، وإلا فعلى وليِّه، فإن عدم الولي أو عجز عن النفقة أو بعضها ففي بيت مال المسلمين، وتُستدام النفقة ويستمر جريانها مع قيام الحاجة؛ حتى بعد البلوغ ما دام منشغلًا بالدراسة، ولا يقدر على التكَسُّب، ولو كان صحيحًا خاليًا من نقص الخلقة أو نقص الأحكام؛ لصعوبة الجمع بين الدراسة الضـرورية في هذا العصـر والاكتساب غالبًا.
وكما تجبُ نفقةُ الولد على أبيه إن لم يكن له مال، فيجب كذلك على الولد الموسر ذكرًا كان أو أنثى، كبيرًا أو صغيرًا- نفقةُ والديه إذا لم يكن لهما مال يمكن الإنفاق منه. وإذا كان مال الوالدين لا يفي بنفقتهما، ألزم الأولاد الموسرون بما يكملها.وتوزع نفقة الأبوين على أولادهما بحسب يُسر كل واحد منهم. جاء في وثيقة مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا للاحوال الشخصية ما يلي:

(- المادة (97): يجب على الأولاد الموسرين أو القادرين على الكسب، ذكورًا أو إناثاً، كبارًا أو صغارًا نفقة الأبوين كليًا أو جزئيًا حسب حاجتهما إلى ذلك، وتوزع بينهم بحسب يسار كل منهم، وإذا تطوع أحدهم بالنفقة فليس له أن يرجع بذلك على بقية إخوانه وأخواته إلا باتفاق مسبق بينهم على ذلك، أو لحكم قضائي سابق يحدد أنصبتهم فيها).
وفي ضوء ما تقدم من مبادئ يمكن النظر في الأسئلة السابقة:
ما جاء في السؤال من أن القانون الكيبكي يضع المال في حالة الطلاق في يد الحاضن القائم على رعاية المحضون سواء كان الأب أو الأم وإما إلى الطرفين إذا اتفقا على المشاركة في الحضانة كل حسب نسبة الأيام التي يكون حاضنا فيها. هذا منزع سديد ويمكن اعتباره شرعًا؛ لأن الأصل أن المال مال الولد، وقد خصص لرعايته والإنفاق إليه، فيسلم للقائم الفعلي بحضانته، وللأب بحُكم أبوته ولايةُ الرقابة والتوجيه ومنع إساءة استخدام هذا الحق وفقًا لما تقرَّر ممن أنه إذا كان الحاضن غير الأب، فإن ولاية الأب الثابتة له بمقتضـى الأبوة باقية، فله مراعاة أحواله، وتدبير أموره، بالقدر الذي لا يضرُّ بمصلحة المحضون، ولا يخل بحق الحاضن.
وإذا كان للولد مالٌ فإن النفقة تكون من ماله كما سبق، ولا تجب على الأب معسرًا كان أو موسرًا، إلا إذا تطوع بشيء من ذلك، وآثر أن يدَّخر هذا المال لكفالة مستقبل الولد وتأمينه.
وإذا كان للولد مالٌ وأعسر والداه فلهما أن يأكلا من ماله بالمعروف، ويقدم القائم الفعلي بحضانة الولد، وما بقي يكون للطرف الآخر إن استوعب المال كلتا الجهتين.
ومن خلال ما سبق يُعلم الجواب عن كل الأسئلة المذكورة، فإن بقيت بقية فاكتبوا إلينا بارك الله فيكم. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 10 ديسمبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend