بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ هو العدل في العطية وعدم الجَوْر في الوصية، وقد كان ينبغي لوالدكم : أن يُسوِّي بين أولاده في العطية، بأن يجعل البيت بينهم على سواء، وفقًا لقواعد الميراث كما يحب أن يكونوا له في البر سواء.
والمشروع لكم الآن أن تتراجعوا فيما بينكم بحيث يُرَد الأمر إلى قواعد الميراث الشرعية: للأم الثمن، وهي زوجة المتوفى، والباقي بين الإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا إذا طيب الأخوات ما فعله أبوهم، وتنازلوا عن حقهم في ذلك بطيب نفس فلا حرج. والله تعالى أعلى وأعلم.
أسأل الله لكم الصحة والعافية والأجر العظيم، أما بعد: لدي سؤال مهم جدًّا أقلق حياتي وعكرها ويؤلمني كثيرًا، وهو عن والدي يرحمه الله، حيث إنه بعد وفاته قد ترك وصية وفيها حَرَمَ أخي الأكبر من الميراث وكذلك أنا، حيث إن أبي مات وهو لم يتصالح هو وأخي الأكبر، والخلاف لم يكن على أشياء كبيرة، وإنما سببها اتهامات ومشاكل قد تكون وراءها زوجة أبي أو من أشياء كان أخي الأكبر يعملها خطأ. وحيث إنني أنا وأخي الأكبر كنا نعيش سواء في بيت واحد، وبعد أن أدخلني أبي إلى أمريكا تقربت منه وكنت معه حتى رضي عني وكان يدعو لي وكنت أناقشه في كل قضايانا، ولكنه لم يرض عن أخي الأكبر وقد سبق أن كلمت والدي وقلت له: يا أبي إنني أريد أن أعيش بعيدًا عن أخي ما دمت أنت غير راض عنه ولكنه قال لي: لا، ابقَ معه. وكان والحمد لله راضًا عني وكنت أتواصل معه، فقد كلمته قبل أن يتوفى بساعة حيث كلمته وقد دعا لي، وقد كان موته مفاجئًا.على كل حال الوصية كانت مفاجئة لي حيث إنه كان ضمني مع أخي الأكبر وقد كان مشددًا أكثر على أخي الأكبر حيث إنه دعا عليه حتى في الوصية، ولكن أخي هذا أخذ نسخة من الوصية وذهب إلى علماء ومفتين حيث إنهم قالوا: لا تصح، ويجب أن تُقسم التركة لكل أولاد المتوفى، وقد حصل ذلك علمًا بأن الإرث كان كله تحت سيطرة زوجة أبي ولا نعلم إلا بالحاصل. المهم أنه تم كل شيء وانتهى تقسيم الإرث، وعندما كنت أنا في البلد ألزمني أخي الأكبر بأن أعمل له توكيلًا بأن ينوب عني في تقسيم التركة وكنت مترددًا وخائفًا ولا أريد ذلك ولكن لخوفي على أولادي الذين هُم عنده عملت له توكيلًا بأن يستخرج إرثي، فأبي يرحمه الله ترك في الوصية كلامًا عن أخي قال فيه: «الله لا يطعمه العافية» يقصد بذلك أخي الأكبر «الله لا يطعمه العافية هو ومن يعينه على أخذ شيء من بعدي أو من حقي» ويقصد بذلك الإرث.
وهذا هو سؤالي: هل أنا- والعياذ بالله- قد دخلت في هذه الدعوة حيث إني عملت له توكيلًا بأن يستخرج إرثي من بعد أبي وعلمًا بأنني قد كنت أبذل جهدي للصلح بين إخواني وأن يتفاهموا ولم أكن أنوي في حال رفض إخواني وزوجة أبي إعطاء أخي إرْثَه أن نذهب إلى المحاكم بل كنت عملت بالتي هي أحسن. وكنت أفهمها لأخي الأكبر حتى تم كل شيء وقد أخذ أخي أشياء قبل القسمة من عند زوجة أبي، وأنا كنت أرسل فلوسًا لأخي الأكبر مصاريف البيت فقط، فهل أنا قد أعنته؟ المهم أنه حدثت لي أشياء أشك في أن يكون سببها دعاء أبي وهو أن أخي هذا الأكبر الذي أشرح لكم عنه وبعد تكملة القسمة انقلب ضدي بعد أن كان لطيفًا معي انقلب عدوًّا مبينًا بعد أن أخذ حاجته. والآن أخذ كل شيء وترك أولادي وذهب يسكن لوحده وقد أصابني تعب نفسي من ذلك. أرجوكم ساعدوني ماذا أعمل إذا كنت قد دخلت والعياذ بالله في تلك الدعوة؟ ماذا أعمل وما الحل؟ جزاكم الله خير الجزاء ولا تنسوني من الدعاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
جزاك الله خيرًا على حرصك، وزادك توفيقًا، ما فعله أبوك رحمه الله من حرمانك وأخيك من الميراث خطأ ظاهر أسأل الله جل وعلا أن يغفر له، وما فعله أخوك من عقوق والده الذي حمله على ما صنع من حرمانه وإياك من الميراث خطيئة أكبر أسأل الله أن يرده إلى التوبة، ولا تبرأ ذمة والدك رحمه الله إلا بإبرائكم له، أو بإعادة الأمور إلى نصابها الشرعي والتقسيم العادل للتَرِكَة. وقد أحسنت عندما توددت لأبيك وكسبت رضاه خاصة في أُخْرَيات أيامه، ودعاء أبيك على مَن يعين أخاك في تقسيم التركة تقسيمًا صحيحًا أرجو ألا يصيبك منه مكروه لأنه من العدوان في الدعاء الذي لا يحبه الرب جل وعلا، وقد نهى الرب تبارك وتعالى عن ذلك فقال:﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55]. لم يبق إلا أن تحسن إلى والدك بالترحم عليه، والتصدق عنه، وأن تبر أهل بره وأن تبر الرحم التي لا توصل إلا من خلاله، وأن تستمر على إحسانك لأخيك وبقية أرحامك وأن تدعوهم إلى تقوى الله عز و جل ، وإصلاح ذات البين وتناسي ما فات، عسى الله أن يفتح لكلماتك قلوبهم وعقولهم، اللهم آمين. والله تعالى أعلى وأعلم.