حضرة الشيوخ الأفاضل، نحن إخوة نتكون من ولدٍ وبنْتَين من التبَنِّي، الأم المتبنية ماتت والأب المتبني مات رحمهما الله مؤخَّرًا، فترك ممتلكات بالمغرب لكن لا يوجد أي قريب آخر له سوى ابنة أخته.
لقد حكمت المحكمة بالمغرب في صالحنا لتسجيل الممتلكات وحفظها باسمنا، لكننا لم نقُمْ بأي إجراء قانوني يضمن هذا الإرثَ باسمنا، أخواتي من التبني يُلِحُّون عليَّ بالقيام بالإجراءات القانونية، لكنني خوفًا من الله ألا أتحمل أي ذنبٍ في أخذ هذا الإرث.
علمًا أن هناك فردًا من عائلته هي ابنة أخته، فأنا لا يهمني الحكم القضائي، الذي يهمني هو الحكم الشَّرعي في هذه القضية، وسؤالي هو: هل هذا الإرث يجوز لي ولأخواتي بالتبني أخذه أم لا؟ وهل يجوز لابنة أخت أبي الذي رباني الحقُّ في ذلك الإرث؟ جزاكم الله عنَّا خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن بنت الأخت لها النصف على قول، ولا حقَّ لكما في الميراث؛ لأن التبَنِّي الذي يُسوي بين الأولاد الصُّلْبِيِّين والأولاد بالتبني قد حَرَّمته الشَّريعة، وإنما الذي يجوزُ هو الكَفالة والإيواءُ.
ويجوز أن يوصي الرَّجُل لمن كفَلَه أو لغيره وصيَّةً في حدود الثلث، وما بقِيَ مِن التركة يُرد إلى العَصَبة إن وُجدوا؛ فإن أقرب ذكورِهم إلى الميِّت يحوزون جميعَ المال، ولا حقَّ فيه للأنثى ولا لمن هو أبعدُ منهم؛ لما رَوَى الشيخانِ من حديثِ ابن عبَّاس أن النبيَّ ﷺ قال: «أَلْـحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»(1).
أما إذا لم يوجد أحد من العَصَبة الذكور فإنه يكون بنظر ولي الأمر يضعُه حيث يشاء في المصالح العامَّة، قال الشيخُ سلمان الجمل في «فتوحات الوهاب»: فالمسلمون عَصَبة من لا وارثَ له؛ لخبر: «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ»، رواه أبو داود وغيرُه، وصحَّحه ابن حبان(2).
فإن قَضَى وليُّ الأمر به لكما بعد إعطاء بنت الأخت حقِّها طاب لكم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_______________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الفرائض» باب «ميراث الولد من أبيه وأمه» حديث (6732)، ومسلم في كتاب «الفرائض» باب «ألحقوا الفرائض بأهلها» حديث (1615)، من حديث ابن عباس .
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/131) حديث (17214)، أخرجه أبو داود في كتاب «الفرائض» باب «في ميراث ذوي الأرحام» حديث (2899)، وابن ماجه في كتاب «الفرائض» باب «ذوي الأرحام» حديث (2738)، والحاكم في «مستدركه» (4/382) حديث (8002)، وابن حبان في «صحيحه» (13/397) حديث (6035)، من حديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه . وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».