السؤال
ورث مجموعة من الإخوة والأخوات في العراق قيمةَ عقار لوالدهم في الإمارات العربية المتحدة قبل ما يقرب من سبع عشرة سنة، وكان الوالد المقيم في العراق قد أعطى توكيلًا لابنه الأكبر المقيم الوحيد في الإمارات آنذاك لتسهيل القيام بالمعاملات المتعلقة بالعقار، باع الابنُ العقارَ وتصرف بالمال، ثم لما تُوفي والدُه قام بسداد حصة اثنين فقط من الورثة الذكور والذين هم: ستَّة من الذكور وثلاث من الإناث.
الآن وبعد مرور سبع عشرة سنة أصبحت قيمة التَّركة التي لم تُسدَّد لأصحابها في العراق لا تساوي، بل ولا تقارن، بما كانت عليه آنذاك لو أنهم استلموا تركتهم في حينها.
السؤال فضيلة الشيخ: هل يجوز للورثة المطالبةُ بمبالغ زائدة عمَّا كانت عليه التركة في وقتها تعويضًا لهم؟ علمًا بأن أحدَ الورثة فقط وليسوا كلهم يطالب بذلك. أفتونا بالتفصيل مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد باع الابن الأكبر للمتوفى العقار بتوكيل من الوالد أي بعلمه ورضاه، فلم يكن تصرفه تصرفَ غاصب، بل تصرف وكيل مأذون له، ومن ثَمَّ ترتبت قيمة هذا العقار دينًا في ذمته تجاه والده، ويضاف إليه ما حققه من أرباح أثناء حياة الوالد، وعند وفاة الوالد أصبحت قيمة هذا العقار وأرباحه تركة توزَّع بين الورثة، فلا وجه للحديث عن العقار وقيمته بعد أن بيع بيعًا شرعيًّا في حياة الوالد، وإنما الذي ثبت في الذمة قيمة العقار وما حققه من ربح عند وفاة المورث، فهذا الذي تكون على أساسه المحاسبة، والأصل أن تُرَدَّ الديون بأمثالها لا بقيمها.
ولكن إذا كان الابن الأكبر قد حبس هذا المال طيلة هذه المدة، وأبى أن يقسمه بين بقية الورثة، ليستعمله في تجاراته، على غير رضًا وتشاور معهم، فتصرفه تصرف غاصب، ولولي الأمر أن يُدخل بقية الورثة شركاء في هذه التجارة، وتتم المحاسبة على أساس الأصل والربح جميعًا، وليس على أساس الأصل وحده. والله تعالى أعلى وأعلم.