سيدة جاهلة لها ابنة واحدة وحفيدتان من هذه الابنة حتى وفاتها، ولكن ابنة هذه السيدة رُزِقت ببنتين أخريين وثلاث ذكور بعد وفاة أمها، هذه السيدة كانت تملك عِدَّة عقارات، وتهربًا من ضريبة تُفرض على الأملاك في ذلك الوقت كتبت ما تملك بالتساوي لابنتها وحفيدتيها اللتين حضرتا في حياتها، فأصبح الإخوة الصغار الذُّكور والإناث يرثون عن أمهم فقط التي تملك ثلثَ ما كان للجدة، أمَّا البنتان الكبريان اللتان حضرتا حياةَ جدتهما فتملَّكت كلُّ واحدة منهما مثل أمهما، أي كل واحدة منهما تمكلت ثلث ما كانت تملك الجدَّة إضافة إلى ميراثهم عن أمهما، وبهذا أصبحت الأختان الكبريان ترثان أكثر من إخوانهما الذُّكور رغم دراستهم الدِّينية، ولم يحاولوا إصلاح ما فعلته جدَّتُهما عن جهلٍ، فهل عليهما وزر؟ وهل تُحاسب جَدَّتهما على فعلتها؟ أرجو إبداء الرأي ولكم الشُّكْر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن هذه النازلةَ تُبيِّن لك مدى الخلل الذي يُنشئه تعجُّل الأمور وعدم التقيُّد بضوابط الشَّريعة.
على كلِّ حالٍ إذا كان تصرُّف الأم هذا قد صدر منها على سبيل العطيَّة في حال الحياة فقد مضى ما كان، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا، ومن شروط الميراث حياةُ الوارث عند موت مُورِّثه، وعندما ماتت الجدة لم يكن لها مالٌ؛ لأنه قد سبق لها توزيعه، ولم يكن الأحفادُ الجدد الذُّكور والإناث قد خُلِقوا بعدُ، وعلى فرض وجودهم فإنهم محجوبون بأمِّهم.
أمَّا إذا كانت قد فعلت ذلك على سبيل التَّوريث أو الوصية المضافة إلى ما بعد الموت فهو تصرُّف باطل؛ لأن التوريث لا يكون إلا بعد وفاة المورِّث، والوصية لا تكون للوارث(1)، ولغير الوارث ينبغي أن تكونَ في حدود الثلث إلا إذا أقرَّها الورثة(2)، وقد أعطتِ البنت دون نصيبها في الميراث؛ فقد كان للبنت النصف لعدم وجود الفرع الوارث، وأعطت الأحفادَ فوق نصيبهم في الوصية.
ولكن الظاهرَ أن البنتَ تنازلت عن بقية حقِّها لأن المستفيد من ذلك هو بناتها، لم يبقَ إلا أن يُرضخ للإخوة وللأخوات الجُدُد شيءٌ لتطييب خواطرهم، ولا يظهر لي أن لهم حقًّا؛ لأنهم لم يكونوا قد وُلِدوا بعدُ وقتَ موت الجدة وتوزيع الميراث، ولو كانوا موجودين فإنهم يكونون كما سبق محجوبين بأمِّهم. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه.
(2) ففي المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الوصايا» باب «أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا» حديث (2742)، ومسلم في «الوصية» باب «الوصية بالثلث» حديث (1628)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، قال: عادني النبي ﷺ فقلت: أوصي بمالي كله؟ قال: «لا». قلت: فالنصف؟ قال: لا. فقلت أبالثلث؟ فقال: «نعم، والثلث كثير».