بارك الله فيكم فضيلة الشَّيخ وتقبَّل الله منا ومنكم، أسأل اللهَ أن يمدكم بعونه وفضله.
نرجو منكم النصيحة في الكرب العظيم الواقع بنا: القصة أن أبي وإخوته (اثنين من البنين وست بنات) ورثوا قطعة أرض وكَّلوا أبي في بيعها ورضُوا بالمشتري والسعر ولكن ورق الأرض لم يكن كاملًا، فقال لهم أبي: إذا قبل المشتري هذا الورق سأبيع.
ثم فوجئت أنا وأسرتي (أمي وأختاي) بالمشتري يأتي إلى بيتنا ويبيع له، وأخبرنا بأنه لن يُخبر إخوته حتى يتأكَّد أن المشتريَ لن يرجع في كلامه، وأنه في خلال أسبوعين سيُخبرهم حتى لا يصرفوا الأموال (حوالي ثلاثمائة ألف جنيه)، ثم إذا أراد المشتري فسخ العقد يحصل مشكلة مع والدي لأنه هو الذي مضى العقد.
كنا خائفين من أن يضع أبي تلك الأموال في شركة العائلة المتعثرة، وإخوته كانوا يرفضون بشدة وضع الأموال في هذه الشركة؛ لأنهم باعوا لإنقاذها أملاكًا كثيرة ولم يستفيدوا منها طوال خمسة عشر عامًا، وكانوا خائفين أن يضع الأموال في تلك الشركة، وقد حلف أبي لنا أنه لن يضع تلك الأموال في هذه الشركة، وأكَّدنا عليه ذلك، وأخبرناه أنه يأثم بذلك، وكلما اتَّصل به أحدٌ من إخوته أخبرهم بأن الأمر سيتمُّ قريبًا، وقد مرَّ شهرٌ ونصف ونحن نُلِحُّ عليه أن يُخبرهم وهو يُؤجِّل.
ثم أخبرته أنني سأقول لإخوته أنه باع، فاكتشفت أنه أدخل جزءًا من المال في الشركة المتعثرة، ثُرْتُ أنا طبعًا وأخبرته أنها سرقة وحرام عليه، فهدَّدني بطردي من البيت وليس ذلك بمُشكلٍ عندي إن أخبرتهم، وأخبرني أنه سيُعيد المال بعد خمسة عشر يومًا وأنا واثق تمام الثقة أنه لن يفي بوعده وتلك عادته للأسف.
السُّؤال هو: هل أُخبرهم حتى يضغطوا عليه لتسديدها، وسيترتَّب على ذلك فضحه تمامًا أمام إخوته، كما أن أحد أعمامي إن علم قد يُهدِّده بإبلاغ الشرطة وقد يُبلغها بالفعل، أم أتركه للمهلة التي أخبرني بها، مع ثقتي أنه لن يُوفي بوعده- وقد يطول الأمر لشهور طويلة وحدث شيء شبيه بهذا من قبل- ثم أُخبرهم إن لم يوفِّ بعده؟ وهل أنا آثم لأنني كتمتُ أمر البيع مع العِلْمِ بأن أعمامي وعماتي لو علموا أنني أعلم سيغضبون جدًّا مني؟
والدتي أخبرتني أنها ستكون غاضبة عليَّ لو أخبرتهم؛ لأن والدي سيثور، وقال أنه سوف يُسبِّب لنا مشاكل ويفضحنا في سكننا. وجزاكم اللهُ خَيْرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن انتظارَك لِمُدَّة أسبوعين تُقيم فيهما الحجة على والدك وتُمهِّد بها لنفسك سبيلًا لكي يعذرك إذا تصرَّفت بعدها- ليس بالأمر الكبير، فننصحك بالانتظار هذه المُدَّة، وتَعَهَّد والدك خلالها بالنصيحة، فقد يُوفقه الله هذه المرة.
كما ننصحك بأن تأتمر بينك وبين أمِّك في هذه القضيَّة بغية الوصول إلى حلٍّ مناسب بإذن الله؛ يحفظ الحقوق من ناحية ويحفظ لك علاقتك بوالديك من ناحيةٍ أخرى.
ونسأل اللهَ أن يلهمك رشدك، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.